مستقبل المؤسسات الوطنية قبل أن تضع حرب الاستقلال أوزارها (١).
[عن القضاء الإسلامي]
عندما أصدرت فرنسا تشريعا تزيد فيه من القيود على الإسلام والمسلمين بادرت جريدة المجاهد إلى استنكاره، فقد كتبت مقالا طويل الذيل انطلاقا من المرسوم الذي أصدره رئيس الجمهورية الفرنسية في الرابع من فبراير ١٩٥٩ يتعلق بإصلاح القواعد الإسلامية في الزواج والطلاق، وقعه الجنرال ديغول ثم رئيس الحكومة ميشال دوبري والوزير المفوض في الجزائر جاك سوستيل. ووزير العدل إدمون ميشليه، قالت المجاهد في لهجة غاضبة: هكذا يقوم فرنسيون، بقناعات نصرانية ويهودية، بفرض القوانين اللائكية الفرنسية على المسلمين الجزائريين فيما يتعلق بالمجال الأكثر قداسة، وهو الحالة المدنية، وفي ذلك طعنة للقرآن بطريقة مبيتة، ولا شك أن المجاهد قد بالغت في ذلك عن قصد لأنها تعرف أن ردود الفعل الشعبية ستكون قوية على التشريع الفرنسي، وهي تريد أن تجند الرأي العام لا ضد التشريع نفسه ولكن ضد الاستعمار.
وفي نظر المجاهد أن ذلك التشريع الفرنسي ليس هو الأول من نوعه في المساس بالشريعة الإسلامية على يد الاستعمار الفرنسي، وقد ختمت مقالها
(١) ثم سردت القوانين الجائرة والخاصة بالمحاكم الإسلامية والقضاة المسلمين، وإخضاع القضاء الإسلامي لقضاة الصلح الفرنسيين (جوج دي بي) ابتداء من سنة ١٨٣٤ وهو تاريخ قرار الاحتفاظ بالجزائر كبلد مستعمر، كما ردت تواريخ هامة تتعلق يتقليص صلاحيات القضاة المسلمين سنة ١٨٧٣ و ١٨٨٧، وتواريخ مصادرة الأوقاف الإسلامية ابتداء من الثامن سبتمبر ١٨٣٠ مرورا بسنوات: ١٨٤٤، ١٨٥١، ١٨٥٨، مع الإشارة إلى الظهير البربري في المغرب سنة ١٩٣٠ الذي هز المغرب حين ميز بين مواطنيه، فجعل بعضهم يحتكم إلى الشريعة الإسلامية وبعضهم يحتكم إلى العرف المحلي، المجاهد - بالفرنسية - ٥٧، ١٥ ديسمبر ١٩٥٩، عن مذكرة جمعية العلماء حول الأوقاف انظر أيضا عبد الحميد زوزو، محطات في تاريخ الجزائر، ٢٠٠٥.