للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القراءات ورسم القرآن]

وعلم القراءات ذو صلة وطيدة بالقرآن وفهمه ودراسته. وقد عرفه بعضهم بأنه علم يبحث في الكيفية التي تنطبق بها كلمات القرآن الكريم، وطريقة أدائها اتفاقا واختلافا، مع نسبة كل وجه من القراءة إلى ناقله (١). وهو علم قديم لدى الجزائريين برع فيه بعضهم، وتكونت لهم فيه مدارس خاصة، ولا سيما في زواوة. وقد تحدثنا عن ذلك في الجزء الثاني، ولهم فيه أسانيد موثقة يتوارثونها. ومن ذلك أسانيد أبي القاسم البوجليلي التي سجلها في كتابه التبصرة. ولعلم القراءات مراجع أساسية كانت متداولة مثل حرز الأماني للشاطبي، وسراج القارئ للناصح، وغيث النفع للنوري.

وقد درس الشيخ المهدي البوعبدلي أسانيد البوجليلي في القراءات وقدم ذلك في دراسة هامة إلى ملتقى الفكر الإسلامي الخامس عشر. وكنا قد ترجمنا للبوجليلي في غير هذا المكان (٢). فهو من علماء القرن الماضي المتنورين ثقافيا وصوفيا وسياسيا. وكان الوريث الطبيعي في قيادة الطريقة الرحمانية بعد الشيخ الحداد، لولا ما حدث في آخر لحظة - كما يقال - من منح البركة إلى الشيخ ابن الحملاوي، لأسباب ما تزال مجهولة. وللبوجليلي عدة تآليف في النحو والقراءات والفقه. وقد روى عن شيخه الحداد أن النحو فرض عين، وأنه ضروري لتعاطي التفسير وفهم القرآن، والنحو كذلك ضروري للقراءات والتجويد وإدراك معاني المقروء.

وكتاب التبصرة في القراءات بالروايات العشر، مقسم إلى مقدمة وتضم خمس فوائد، منها إسناد قراءته، وتواريخ وفاة بعض شيوخه، ومنها ذكر فضائل القرآن الكريم، وتسمية الرواة وترتيب القراء. ثم شمل الكتاب أنواع القراءات وسرد الآيات والسور. وقد بدأه بقوله: وبعد، فهذه تبصرة لما


(١) محمد سالم محيسن (الإرشادات الجلية في القراءات السبع من طريق الشاطبية)، الإسكندرية، ١٩٨٥، ص ٥.
(٢) انظر ذلك في فصل السلك الديني والقضائي، وكذلك فصل التصوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>