بالإضافة إلى الشعر الرومانسي نشرت هنا الجزائر شعرا آخر ينتمي إلى التيار الإصلاحي أو الإخواني والاجتماعي والديني والوصفي، ومن الشعراء الذين تعاطوا هذه كل هذه الأنوع أو بعضها الهادي السنوسي وابن ذياب والأكحل، ويمكننا وصف هذا النوع من الشعر المنشور في هنا الجزائر بالشعر المحايد أو غير المنحاز، فهو يتناول الدين والرثاء والطبيعة والمخترعات ولكنه ظل بعيدا كل البعد عن السياسة والوطنية والثورة.
وإذا ما نقل كابت عن شاعر أو درسه فإن الأشعار المنقولة تظل بعيدة عن ساحة السياسة، سواء كان التقل من الأدباء العرب أو الفرنسيين، فقد احتفلت (هنا الجزائر) بجبران خليل جبران، وأحمد زكي أبو شادي، وأبي القاسم الشابي، وعلي محمود طه، وإبراهيم ناجي، بل اهتمت بأعمال الشعراء في مؤلفات أخرى مثل ما فعل السائحي مع الشعراء الذين ضمتهم رسالة الغفران للمعري، وحديث ابن ذياب عن رابعة العدوية، وحديث جلول البدوي عن ديوان أحمد الخلوف، وهذا الحياد في المختارات الأدبية حصل في النثر أيضا.
[الشعر الشعبي]
احتوت (هنا الجزائر) على قطع من الشعر الملحون لابن التريكي، وابن الشاهد، وابن إسماعيل، والدحاوي، ورحاب الطاهر ... في أغراض شتى، ولكن ليس منها الشعر السياسي أو الوطني، كما قلنا.
عاصر الشعر الشعبي الثورة وتغنى بها مثل ما تغنى بها الشعر الفصيح. وبقدر ما كان الشعر الفصيح قد احتضن الثورة باعتبارها حدثا وطنيا ضخما له مدلوله التاريخي والمستقبلي وله مغزاه في تثبيت الهوية واسترجاع الاستقلال بقدر ما كان الشعر الشعبي قد نظر إلى الثورة على أنها حدث كبير للتحرر من ربقة الاستعمار البغيض ومن قمع القوانين الاستثنائية الجائرة (الانديجينا)