للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والانتقام من عهد الإهانة والمذلة وسلب الأرض والاعتداء على العرض، وإذا كانت نصوص الشعر الفصيح مدونة في أغلبها فإن نصوص الشعر الشعبي لم تدون في أغلبها، ولذلك حفظ الفصيح وضاع الشعبي لأنه اعتمد على الرواية الشفوية والذاكرة، وهذه تذهب مع أصحابها ولا تحفظ في أوراقها.

ومن حسن الحظ أن بعض الباحثين قد اعتنوا بالشعر الشعبي واستخرجوه من ذاكرات أصحابه أو من رواته ودونوه ودرسوه فأصبح مرجعا للباحثين في تراث الثورة الأدبي، والشعر الشعبي قد دون بلهجة صاحبه وقومه، والجزائر وطن واسع الأرجاء مترامي الأطراف، وقد تعددت لهجاته بتنوع سكانه وتعدد جهاته، ورغم أن اللهجة العامية العربية أقرب إلى أن تكون هي اللهجة المشتركة التي يفهمها الجميع فإن لهجة الشعر الشعبي في كل منطقة تبقى ذات خصوصية لا يفهمها ويتعمق معناها إلا أهل تلك المنطقة أو البلدة، فنحن عند تدويننا للشعر الشعبي يجب أن نقول إنه منطوق بلهجة أهل كذا، ويجب أيضا أن نأتي بباحث أو حتى عارف من أهل هذه المنطقة ليحل بعض غوامضه ويكشف عن أسرار معانيه وتراكيبه.

وهكذا فعل بعض الباحثين كالعربي دحو الذي جمع ودرس الشعر الشعبي في منطقة الأوراس، وهي منطقة شاسعة غزيرة الإنتاج، خصص العربي دحو الجزء الأول من مدونته لدراسة الشعر وخصائصه اللغوية والفنية، والثاني للنصوص مع إخضاعها لمقاييس الفهم والتذوق، وقد لاحظ الباحث أن هذا الشعر قد اعتنى بالأسماء العربية والفرنسية الشائعة زمن الثورة مثل الجهاد والشبان وأوليدات (أبناء) العرب والشهداء والجنود والحزب الوطني (الوطنيون)، ومن الأسماء الفرنسية التي راجت في الشعر الشعبي: فرنسا وديغول والقومية (مصطلح يعني الجنود الجزائريين الاحتياطيين في الجيش الفرنسي) ... كما مجل الشعر الشعبي حماس الشاعر والجماهير للثورة ووصف المعارك وتحركات جيش التحرير وهزائم العدو، واهتم بالأعلام والأماكن والعتاد الحربي المستعمل عند الطرفين، وسير المعارك، والسجون ومعاناة

<<  <  ج: ص:  >  >>