وفي خنقة سيدي ناجي كانت زاويتان: الناصرية التابعة لعائلة ابن حسين والرحمانية التي أنشأها الشيخ عبد الحفيظ. وكلتاهما نشرت التعليم في البلدة وفي الناحية. وكانت السياسة الفرنسية تقضي بالتعامل على أساس (الصفوف) أو العداوات بين الساكنين. ولما كانت زاوية عبد الحفيظ قد مالت إلى السياسة المعادية لفرنسا بدعمها للثورات، كثورة الزعاطشة وثورة الصادق بن الحاج بالأوراس، فإن الفرنسيين اتكأوا على الزاوية الناصرية ووظفوا منها بعض الرجال وظائف قيادية. وفعلوا معها مثلما فعلوا تقريبا مع زاوية شلاطة في منطقة زواوة. ولكن نشر التعليم كان مبدأ محترما من الزاويتين. ومن تلاميذ زاوية خنقة سيدي ناجي الشيخ العربي التبسي الذي بقي فيها ثلاث سنوات حفظ خلالها القرآن ومبادئ الدين والعربية.
وكانت زاوية أولاد جلال قد سارت في نفس الاتجاه أيضا على يد الشيخ المختار بن خليفة. وكانت قد خدمت أهل الناحية سيما أولاد نائل والسحاري بنشر التعليم والمحافظة على مبادئ الدين أثناء سيطرة الاحتلال على الجنوب.
[زاوية الهامل]
قرأ الشيخ محمد بن بلقاسم في زاوية ابن أبي داود بمنطقة زواوة. وكانت هذه الزاوية تهتم بدراسة الفقه، كما سبق. وكان معاصرا لشيوخ الرحمانية البارزين أمثال الحاج عمر والحداد والبوجليلي. كما عاصر مقاومة الأمير عبد القادر وثورات الشريف بو بغلة في زواوة والشريف محمد بن عبد الله في الجنوب، وثورة الصادق بن الحاج في الأوراس. إنه عصر الانتفاضات الشعبية ضد الاحتلال. وكانت هذه الحركات قد أدت إلى توقف العديد من الزوايا عن مهمة التعليم وتخريب بعضها وحمل الطلبة السلاح. وفي سنة ١٨٤٩ أنشأ محمد بن بلقاسم زاوية أولى بالهامل على مسافة عشرة كلم عن بو سعادة. وهذا التاريخ مهم لأنه تاريخ ثورة الزعاطشة التي اهتزت لها بو سعادة أيضا وشارك فيها أهلها وعلماؤها أمثال ابن شبيرة الذي سبق ذكره. إن إنشاء أول زاوية في الهامل قد تصادف مع هذه الثورة وما تلاها من