ونواحيها. وفي نفطة تأسست زاوية أصبحت من الشهرة بحيث طغت على زوايا بسكرة ونواحيها سيما في عهد الشيخ مصطفى بن عزوز. ونحن هنا نتكلم عن سمعتها في التعليم وليس في التصوف. وقد اقتدت بها الزوايا الأخرى في الزيبان وسوف فتنافست وتبادلت المدرسين والتلاميذ. ومن أبرز الذين درسوا في نفطة عندئذ الشاعر المعروف في وقته، وهو عاشور الخنقي. ويمكن القول أن اشتغال زاوية طولقة وزاوية الهامل (بو سعادة) بالتعليم خلال النصف الثاني من القرن الماضي كان بدافع التنافس من جهة وبتغاضي الفرنسيين من جهة أخرى، فقد كان هؤلاء يريدون انتزاع الفتيل أو الشعلة من يد زاوية نفطة التي كانت ملجأ للعلم وللسياسة أيضا. ولذلك خبا إشعاعها كثيرا بعد احتلال فرنسا لتونس سنة ١٨٨١.
وكان شيوخ زاوية نفطة يأتون إلى الجزائر بحكم الأصل من جهة، وبحكم الروابط الروحية (الرحمانية) والتعليمية من جهة أخرى. ولذلك وجدنا عددا من شيوخ العائلة العزوزية قد استقروا في الجزائر أو درسوا فيها أو عبروها أو تجوزوا منها في عدة مناسبات. ومن أبرزهم الشيخ المكي بن عزوز الذي درس في زاوية الهامل وتنقل بين طولقة وغيرها من المدن والقرى. وكذلك فعل ابنه محمد الكامل. وقد قام الشيخ محمد الخضر حسين، وهو منهم، بجولات في الجزائر أوائل القرن فنزل عنابة وباتنة والعاصمة. ونجد ذلك في رحلته. ثم أسسوا زوايا تعليمية في العين البيضاء وخنشلة وخيران وسوق اهراس. وكانت سوف أقرب نقاط الحدود إلى نفطة، فاستفادت من الاتصال العلمي بزاويتها. وكانت زاوية سيدي سالم في الوادي تتبع زاوية نفطة في التعليم واقتناء الكتب واستقبال التلاميذ من الأوراس وغيره، ولكنها كانت تتبع زاوية طولقة من حيث الطريقة، لأن شيخها (سيدي سالم) قد أخذ الإجازة عن علي بن عثمان. ومن علماء سوف الذين درسوا في نفطة قبل الزيتونة، الشيخ عبد القادر الياجوري (١). وكان الشيخ العربي التبسي من تلاميذها أيضا.