للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استعملت مداخيلها سلاحا لنشر الجهل وضرب الدين نفسه، ثم تساءل أين كل ذلك اليوم؟ (١).

وقد أثيرت قضية الأوقاف وفقراء المسلمين أيضا على إثر انطلاق الثورة، وسندرس في فصل لاحق تفاصيل هذا الموضوع كما تناولته صحف الثورة نفسها، وكأن الذين أثاروا هذا الموضوع عندئذ أرادوا تذكير الجزائريين بتراثهم المغتصب لمحاسبة الفرنسيين على ما ارتكبوه من جناية باستيلائهم على الأوقاف الإسلامية وحرمان آلاف المسلمين من ثمارها، بل إننا قد نفهم من إثارتها في ذلك الوقت نوعا من تعبئة الرأي العام ضد الاستعمار الذي اعتدى على حرمة الوقف وقدسية الدين.

[القضاء]

رغم أنا سنتعرض إلى القضاء في فصل آخر فإنا نقول في الفصل الذي نمهد به لدراستنا إنه كان بالجزائر أنواع من الأقضية وأنواع من المحاكم، فقد أنشأ الفرنسيون محاكم جنائية ومحاكم مدنية ومحاكم صلحية ... وأخرى تجارية ... وتعددت المحاكم بتعدد المناطق عسكرية ومدنية، وبتعدد المناطق شرعية وعرفية ... ثم إن هناك محاكم شرعية يحتكم إليها المسلمون في بعض قضاياهم وأخرى فرنسية مدنية يحتكم إليها سكان الجزائر سواء كانوا مسلمين أو أوروبيين.

وهكذا نخرج بنتيجة وهي تعدد القضاء، ولكن رغم تعدده فهو موحد ويصب في خانة القانون الفرنسي ويخدم الدولة الفرنسية. كان القضاء الإسلامي في الجزائر عشية الثورة لا يخرج عن الأحوال الشخصية بين المسلمين، ذلك أن أنواع القضاء الأخرى قد انتزعت منه كالجنائي والتجاري والصلحي (من الصلح) والعسكري، وبالطبع كل ما يتصل


(١) المنار ٧، ١٩ يوليو، ١٩٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>