للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفهم من ديلفان أن الجباري مات في فوكة قبل أن يتمكن من الانتقال إلى وهران حيث كان يريد. وقد تكون المقامة الفوكية هي آخر مقاماته. ومن جهة أخرى نجد في النص تعاليق من قبل المؤلف نفسه، وهذه التعاليق جاءت حواشي في آخر معظم المقامات لتوضيح الألفاظ والعبارات الغامضة أو المحلية جدا. وقد قام ديلفان بترجمة تلك التعاليق أيضا. والخلاصة أن مقامات الجباري التي كتبت فيما يبدو آخر الثمانينات من القرن الماضي، تعتبر نصا أدبيا وتاريخيا مهما، وتمثل مرحلة في التطور اللغوي لدى بعض المثقفين الجزائريين الذين عاشوا بين مرحلتين وثقافتين.

ومن يدري، لعل هناك مقامات أخرى محفوظة عند أصحابها أو عند ورثتهم، ألفها قضاة آخرون أو مثقفون من كل فئة. وإذا كان ديلفان وبيقي قد نشرا المقامات العوالية ضمن جهود المستشرقين الفرنسيين لتوفير النصوص (الأهلية)، مهما كان مستواها، فإن هناك مقامات أخرى ربما تنتظر من ينفض عنها الغبار ويخرجها إلى النور. أما المقامات المطبوعة فلا نعلم الآن غير ما ذكرنا. والشائع أن الإبراهيمي قد كتب بعض المقامات أثناء اعتقاله في آفلو (١).

[أدب العرائض والنداءات والنصائح]

هناك أنواع أخرى من الأدب استعمل فيها النثر الراقي والأسلوب الصافي واللغة الجيدة. ونعني بذلك أشكالا من التعبير الفردي أو الجماعي يتفنن فيها الكتاب بعض التفنن لكي تصل إلى السامع أو القارئ مؤثرة نافذة. ولا يمكن أن تصدر هذه الأشكال إلا عن كتاب مهرة وأدباء حذاق، فإذا صدرت عن غيرهم كانت ضعيفة باردة لا تؤثر وإن حصل بها المقصود من


(١) انظر كتابات عبد المالك مرتاض عن الشيخ الإبراهيمي. وكانت جريدة الشعلة قد فتحت صدرها لنوع من المقامات ذات الموضوعات الاجتماعية والسياسية الساخرة. ولكنها كانت، حسب علمنا، باللغة الدارجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>