للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دعاة التعلم باللغة الفرنسية الأوائل]

خلال الستينات ظهرت على صفحات المبشر كتابات بتوقيع رجال العلم الجزائريين يدعون قومهم للتعلم باللغة الفرنسية وتحصيل العلوم الفرنسية. لم يكن هؤلاء من خريجي السوربون ولا من مدرسة سان سير ولا حتى الكوليج الامبريالي. كان بعضهم إماما للصلاة، وبعضهم مدرسا في المدرسة الشرعية - الفرنسية، قبل أن تدخلها اللغة الفرنسية. وبعضهم كان من المرابطين الذين تولوا وظائف إدارية مثل ابن علي الشريف الذي دعا إلى ذلك في رحلته إلى فرنسا سنة ١٨٥٢ (١). ومع ذلك أخذوا على عاتقهم دعوة مواطنيهم إلى التعلم باللغة الفرنسية على صفحات الجريدة الرسمية الوحيدة.

لم يكن الجزائريون ضد العلم من حيث هو، كما عرفنا، ولكنهم كانوا يريدون حرية التعليم بلغتهم والمحافظة على دينهم وأخلاقهم وتراثهم. ومن جهة أخرى كانت المدارس المفتوحة لا تكفى حتى لأبناء المخلصين لفرنسا. ففي القطر الجزائري كله خلال الخمسينات والستينات لا توجد إلا ٤٢ مدرسة ابتدائية، وكانت تسمى عربية - فرنسية. إذن فالدعوة إلى التعلم في مثل هذه المدارس هي دعوة مجانية يوم بها شيوخ أمثال مصطفى بن السادات، ومحمود بن الشيخ علي، ومحمد بن عبد الله الزقاي، يضاف إليهم حسن بن بريهمات الذي كان يعرف الفرنسية ولكن ثقافته العربية كانت تطغى عليه، كما عرفنا. وسليتحق عبد القادر المجاوي بالركب في آخر السبعينات أيضا.


(١) يعتبر من المبكرين في هذه الدعوة، وربما سبقه إلى ذلك أحمد بوضربة، رغم أننا لا نملك له نصا الآن في ذلك. أما ابن علي الشريف (زاوية شلاطة) فقد تعلم الفرنسية بسرعة خلال الأربعينات، وحصل على الوظيف المذكور (باشاغا)، ودعى إلى باريس ضمن وفد من الأعيان، ثم كتب رحلته ونشرها سنة ١٨٥٢. وفي نظره أن الجزائري يحتاج الفرنسية في الحاضر والمستقبل (الحال والمآل). وقال إنه لا خوف على الأطفال. ولكنه وقف معارضا بشدة لسياسة لافيجري الدينية بعد ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>