للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة مجادلة سياسية، انها تهدف إلى التعرض لدعاية الدولة العثمانية الموجهة للمسلمين، وإثبات أن هذه الدولة بانضمامها للحرب مع ألمانيا قد تخلت عن واجباتها نحو المسلمين.

[مسألة تدوين الفقه الإسلامي]

كتب ألفريد لوشاتلييه سنة ١٩١٠ حول (الإسلام الجزائري) هذه العبارات: في مدة ثمانين سنة اصطنعنا (يقصد الفرنسيين) إسلاما فذا في العالم، إسلام بدون أوقاف، وله مساجد إدارية، وأيمة تغربلهم الإدارة أحسن غربلة، وقضاة موظفون وحج لا يكون إلا برخصة. ثم ها نحن نصوغ الآن أحكاما موحدة لقيطة من نتاج الفقه الإسلامي والقانون الفرنسي. إن نصف الحملات والجيوش التي دامت بين أربعين وخمسين سنة ترجع إلى اضطهاد المؤسسات الإسلامية (١).

وقد تحدثنا عن هذه المسألة في مكانها من فصل السلك الديني والقضائي. ونريد هنا فقط أن نتعرض إلى الانتاج الذي ظهر نتيجة الاهتمام بتدوين الفقه الإسلامي. إن الاهتمام بهذا الموضوع كان شائعا في الدولة العثمانية ومصر وتونس. وقد ظهرت محاولات هناك لتوحيد المصطلحات في المعاملات، ولا سيما أمام ضعف رجال الدين وفقدان مركزية دينية مرجعية. وكان الفقه في الجزائر قائما، كما ذكرنا، على مذهب الإمام مالك ومشروحا بمختصر خليل وغيره، وبدت الدعوة منذ آخر القرن الماضي إلى تدوين الشريعة، دعوة بريئة في ظاهرها، المقصود من ذلك هو توحيد المعاملات بين القضاة. ونحن نذكر أن أول محاولة كان قد قام بها ابن العنابي بطلب من محمد علي باشا والي مصر، قبل منتصف القرن الماضي، وذلك في كتاب سماه: صيانة الرياسة في القضاء والسياسة. فأمام تلاعب المتخاصمين واضطراب الأحكام الصادرة من المحاكم لجأ محمد علي إلى


(١) مجلة العالم الإسلامي، سبتمبر ١٩١٠ ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>