كان الشيخ محمد بن عبد الله يدرس كل السنة. ويفتتح الدرس بتفسير آيات من القرآن الكريم. وكان يدرس لتلاميذه النحو والفقه والتوحيد، وهي المواد المسموح بها من قبل السلطات الفرنسية، وأحيانا كانت لا تسمح حتى بتدريس التوحيد ولا بالتفسير الموجه ولا بأبواب معينة من الفقه. وكان محمد الديلمي، مثل شيوخ الزوايا الآخرين عندما يتكاثر عليهم التلاميذ، يستعين بقدماء التلاميذ. ودام على ذلك حوالي أربعين سنة. وكان أيضا يجمع التصوف إلى العلم، فكان يلقن الإخوان أوراد الرحمانية وأسماء الله الحسنى. وبعد حياة يبدو أنها متقشفة تقشف العصر الذي ظهر فيه، توفي الشيخ سنة ١٣٦١ (١٩٤٢) ودفن بجوار جده في المسيلة (١).
[زوايا أخرى]
بعض فروع القادرية أيضا اهتمت بالتعليم إلى جانب تحفيظ القرآن للأطفال. وهناك تقليد لها في ذلك. فالقادرية في الأساس كانت تقوم على العلم والتعليم والتصوف، وما شيخها عبد القادر الجيلاني، إلا مثال على ما نقول، فهو عالم ومتصوف. وفي الجزائر كانت زوايا القادرية للتعليم أيضا، ومنها زاوية القيطنة بنواحي معسكر. وأثناء حرب المقاومة كان محمد السعيد بن محيي الدين (أخ الأمير) يقوم بشؤون الزاوية والتعليم فيها. وهناك زوايا أخرى للقادرية اهتمت بالتعليم قبل أن يعتريها ما اعترى مختلف الزوايا والطرق من كسوف وانحراف.
ومنذ أواخر القرن الماضي كانت الزاوية القادرية في توزر (تونس)
(١) أخذنا هذه المعلومات عن ابن بكار (مجموع النسب)، مرجع سابق، ص ١٧١ - ١٧٣. وذكر أنه تلقى مناقب الشيخ محمد بن عبد الله أو سيرته عن السيد عبد الغني خطاب الذي كان معلما بتلمسان، وجاء ابن بكار بوثيقة (ص ١٧٣ - ١٧٤) تثبت إعفاء البايات لعائلة محمد الديلمي من الضرائب باعتبارهم من الأشراف. انظر عنه أيضا لاحقا. وكتاب (المرآة الجلية) تأليف الجيلالي بن صفية.