الشرحان لازمة كل مريد وصفة كل مرابط خلال العهد الذي ندرسه. ولم يستطع أحد بعده أن يحتل مكانته أو يفند أقواله. فقد قام عبد الرحمن الأخضري وهو من المعاصرين للخروبي ومن تلاميذه، كما سنرى، ببعض الأعمال المشابهة، ولكنه لم يصل إلى درجته في التأثير في التصوف. ولهذه المكانة التي تمتع بها الخروبي لدى المعاصرين في ميدان التصوف خصصنا له هذا الحيز من الفصل.
٣ - عبد الرحمن الأخضري:
ولو لم يكن للخروبي من التلاميذ غير عبد الرحمن الأخضري لكفاه. ورغم قصر حياة الأخضري حسب معظم الروايات. فإنه قد أثر على معاصريه والأجيال اللاحقة أيضا بكتبه وسلوكه، وخصوصا المتون التي نظمها وشرحها في المعاني والبيان والفرائض والحساب والمنطق والفلك والأسطرلاب. ومن أعماله التي تهمنا في هذا المجال قصيدته (القدسية) في التصوف، وهي التي قام الحسين الورتلاني بشرحها وتدريسها.
ولد الأخضري في بنطيوس من قرى نواحي بسكرة. وهناك نما وشب وأخذ العلم عن والده وشقيقه الأكبر. وكان والده محمد الصغير من علماء الوقت أيضا، فألف (أي الوالد) حاشية على خليل وكتابا في التصوف أيضا، هاجم فيه من سماهم بـ (الدجاجلة) الذين انحرفوا في رأيه عن منهج الشرع القويم. ولعل الأخضري قد تأثر في هذا المجال بوالده كما أن جده محمد عامر كان من علماء الوقت فجمع أيضا عملا في الفتاوى الفقهية. وتذكر بعض الروايات أن الأخضري قد طلب العلم أيضا بقسنطينة وأخذه على الشيخ عمر الوزان. كما طلبه بتونس وأخذه على مشائخ جامع الزيتونة. ولكن هذه الرواية غير مؤكدة، سيما إذا عرفنا أن حياة الأخضري نفسها ما تزال غامضة. ذلك أن معظم المترجمين له يذهبون إلى أنه قد عاش ثلاثا وثلاثين سنة فقط (٩٢٠ - ٩٥٣)(١). وإنه لم يتزوج في حياته. ولكن بعض الباحثين شك في
(١) جاء في مقالة للشيخ المهدي البوعبدلي (الأصالة) يناير ١٩٧٨, ٢٥ أن الأخضري قد =