للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلوم التصوف كما اشتغل بمناقشة مسائل قد تعتبر اليوم غير ذات بال كحلق شعر التائب. ونسب إليه بعضهم تفسيرا للقرآن قام به وهو في الجزائر (١). وقد ظلت شروح الخروبي على حكم ابن عطاء الله في التصوف وعلى الصلاة المشيشية (نسبة إلى عبد السلام بن مشيش ناشر الطريقة الشاذلية) وعلى أصول الطريقة لأحمد زروق وعلى كفاية المريد، ونحوها، موضع دراسة المرابطين والعلماء فترة طويلة. وقد نسب إلى الخروبي قوله عن (كفاية المريد) إن الواجب على كل سالك (متصوف أو مرابط) أن يحصلها. ونحن لا نشك في ذلك لأنه بين فيها طريقة السلوك، كما بين ذلك في شرح الصلاة المشيشية ورسالة الطرق الصوفية (٢).

ويظهر تأثير الخروبي على معاصريه من وجهين: حماية الدولة في الجزائر له واحتماؤه هو بها في دعوته التي كانت تتجاوب مع تيار العصر، وتسخير فكره وقلمه ولسانه لخدمة الطريقة الشاذلية والطرق القريبة منها كالقادرية. وإذا كان الوجه الأول واضحا بما ضربناه من أمثلة على حظوته وتمتعه بثقة العثمانيين، فإن الوجه الثاني في حاجة إلى بعض الإيضاح. ذلك أن الخروبي في مركزه، كخطيب ومؤلف، استطاع أن ينشر مبادئ الطريقة الشاذلية بشكل لم يحصل من قبل. حقا إن محمد بن يوسف السنوسي قد أثر على أجيال المتصوفين بدراسته للعقائد وتحبيبه علم التوحيد للدارسين ودفاعه عن أهل التصوف البدعي، ولكن الخروبي قد بسط قواعد التصوف في شرحه على الحكم العطائية، كما بسط مبادئ الطريقة الشاذلية، ولا سيما في شرحه على (كفاية المريد) وعلى (الصلاة المشيشية) حتى أصبح هنان


(١) إذا أخذنا في الاعتبار سنة وفاة الملياني (٩٣١) الذي التقى به الخروبي وتناقش معه كما سلف فإن الخروبي يكون قد أقام بالجزائر أكثر من ثلاثين سنة، لأن وفاته كانت سنة ٩٦٣.
(٢) هناك مصادر كثيرة ترجمت للخروبي، منها (الإعلام بمن حل مراكش) ٤/ ١٠٥، ودراسة المهدي البوعبدلي في (المجلة الإفريقية) ١٩٥٢، ٣٣٠. ورسالة عمر مولود عبد الحميد الليبي ١٩٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>