المدرسة الفرنسية ولازم الخمر والقمار انتقاما من واقع الاستعمار، وقد أعلن البطل (البشير) أن الثورة قامت باسم عروبة الجزائر، والمسرحية تنتهي بانتصار الثورة قبل الأوان استباقا للأحداث.
ولا شك أن هذه المسرحية تعبر عن تطور تاريخي ووطني عاشه المؤلف نفسه فهو ابن البيئة التي انطلقت منها الثورة (الأوراس)، وقد عاشها من سنواتها الأولى مناضلا وسجينا ومثقفا (١).
[الموسيقى والغناء]
لم يطرأ على الموسيقى والموسيقيين تطور كبير بعد ١٩٥٤ - وربما يأتي في طليعة التغيير انقسامهم إلى تقليديين ومتحررين، ونقصد بالصنف الأول أولئك الذين استمروا في عطائهم التقليدي ماكثين في الجزائر رغم المضايقات وحجم الأحداث، ووسيلتهم في ذلك الظهور في الحفلات الشعبية والإذاعة المحلية وتسجيل الأسطوانات، وبعد ظهور التلفزيون أخذوا أيضا يقدمون له مادة جديدة تصلح به وبجمهوره، كما استمر تصنيف الفن الموسيقى والغنائي إلى أندلسي وشعبي وحوزي وبدوي وعصري، وهلم جرا من هذه التصنيفات الاستعمارية التي كانت تهدف إلى تغييب عوامل الوحدة الفنية لأنها من عناصر الهوية الوطنية.
أما المتحررون فنقصد بهم أولئك الذين خرجوا من النطاق السابق، وتمردوا عليه، وأخذوا يظهرون في سجالات أخرى كإنشاد الأناشيد للثورة وإقامة الحفلات للمهاجرين واللاجئين والوفود الأجنبية والشعوب الشقيقة والصديقة، وقد ألف هذا الصنف أجواقا وفرقا كما ألف الصنف الأول أجواقا، وفرقا، وتبنت بعض الفرق العربية في تونس وسوريا ومصر الفنانين الجزائريين المتحررين وأعطتهم المجال للظهور، كما تبناهم صوت العرب وأصوات
(١) بعض التفاصيل عن هذه المسرحية في كتابنا تجارب في الأدب والرحلة، ص ١٢٣ - ١٢٥.