للمجتمع الجزائري. فبعد أن كانت موردا للتعليم وتنشيط الحياة الدينية والتكافل الاجتماعي وصيانة المساجد، وتكريم العلماء ونحو ذلك، انتهت إلى ثكنات وطرقات وساحات وكنائس ومزارع للكولون، ومنازل للخواص الأجانب والغرباء، وانهدم بعضها منذ اللحظات الأولى قبل التفكير حتى في بقاء فرنسا بالجزائر أو الجلاء عنها. لقد انهدمت معه المساجد والزوايا وعشرات المدارس القرآنية والثانوية، واختفت دروس المساجد التي كانت تضيء أرجاء العاصمة وغيرها من المدن، وهاجر العلماء والقضاة، وافتقر النظار والوكلاء، وصادرت السلطات الفرنسية الأوقاف العامة والخاصة، ووضعت أموالها في يد مصلحة أملاك الدولة التي يفترض أنها أصبحت تنوب عن الوكلاء السابقين في إدارة الأوقاف وإعطاء مداخيلها لمستحقيها، ولكن هذه السلطات ابتلعت المداخيل وذوبتها في ميزانية الدولة بأشكال مختلفة. وعندما لم يبق قائما، من الأوقاف إلا النزر اليسير أسست الإدارة الفرنسية مكتبا سمي بالمكتب الخيري الإسلامي ليشرف على ميزانية سنوية من ١١٣، ٥١٠ ف. نص عليها القانون على أنها تعويض للمسلمين على ما فقدوه منذ ١٨٣٠. ولكن هذا المبلغ السنوي ظل محل تلاعب السلطات الفرنسية حتى وجد بعض الباحثين أن حواليه كان يرجع إلى ميزانية الدولة الفرنسية خلال ربع قرن ١٨٧٢ - ١٨٩٦. فما بالك بين ١٨٣٠ - ١٨٧١، ثم منذ ١٨٩٦!
[جمعيات الإغاثة الاحتياطية]
وفي نطاق المساعدات أيضا نشير إلى الجمعيات المعروفة بالاحتياطية. وهي جمعيات نشأت نتيجة الجوائح التي حلت بالفلاحين وأصابتهم في مخازنهم وأرزاقهم. ولا شك أن هذا النظام غير جديد على الجزائريين، فقد كان التعاون يسود بينهم قبل الاحتلال، وكانوا ينجدون بعضهم البعض بالقروض واليد العاملة والهبات. ومن عادة المجتمع التكافل العائلي والقبلي وإيثار الجار عندما تقع الأزمات أو الحروب أو الحوادث. وقد لاحظ