علم حقيقي. وكانت الإجازات مستعملة بين العلماء فأصبحت مستعملة أيضا بين المتصوفة.
[التفسير والدراسات القرآنية]
قلنا إن التأليف في التفسير خلال العهد الفرنسي كان قليلا، ولكن التفسير الشفوي كان متوفرا. وسنحاول أن نقول كلمة عن التفسير الشفوي قبل الحديث عن التفسير المكتوب. إلى عهد محمد بن يوسف أطفيش (حوالي الثمانينات من القرن الماضي)، كان التفسير مقصورا، على الدروس المسجدية أو في الزوايا أو في الخطب الجمعية والأعياد. فالعالم كان يختار آية من القرآن الكريم، عادة مما تسمح به الإدارة الاستعمارية، ويناسب موضوع الدرس أو الخطبة، ثم يأخذ في بيانها ومعانيها، حسب طاقته اللغوية والثقافية وحسب إدراكه لمحتوى المعاني. ونحن نقرأ في كتب السير والتراجم أن فلانا قد اشتهر بالتفسير. فيجب ألا نفهم من ذلك أنه ألف فيه أو وضع كراسا أو منهجا فيه، وإما المقصود أنه اشتهر بين المواطنين والمعاصرين بأنه يتناول في دروسه وخطبه الآيات القرآنية وليس الأحاديث أو الموضوعات الأخرى، وأنه كان صاحب صيت في ذلك، لأن علم التفسير لا يتعاطاه كل مدرس ولا كل خطيب.
ولنبدأ بالأمير عبد القادر، فهو لم يترك لنا تفسيرا مكتوبا، مهما صغر (١)، ولكنه كان يلقي دروس التفسير أثناء راحته وأمام جنوده، وكان يختار آيات الجهاد والصبر ووصف المعارك وحياة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ويستخلص منها العبر والمواعظ. وكان بيانه وحماسه يساعدانه على بلوغ قلوب المستمعين. وقد استمر على ذلك في سجن امبواز بفرنسا، ثم في بلاد الشام. ولكننا لا نعرف أنه قد ترك تفسيرا مكتوبا، كما ذكرنا. وفي قسنطينة
(١) تناول آيات وفسرها بالكتابة في كتابه (المواقف). انظر فصل العلوم الاجتماعية. وقيل إن للأمير تفسير (إذا الشمس كورت). انظر لاحقا.