للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الواضح أن إنتاج الجزائريين في التصوف، بجميع فروعه وفنونه، لو جمع ودرس لجاء في مجلدات، ويظهر أن بعض هذا الإنتاج قد تناول قضايا التصوف العامة، كما عرفها العالم الإسلامي على اتساع أطرافه، وبعضه قد تناول قضايا إقليمية خاصة كأصول بعض الطرق وتصرفات بعض المتصوفة، والتأليف في بعض الأولياء والصلحاء، ولكن الجميع يكشف عما وصل إليه الفكر الجزائري الفلسفي والصوفي خلال العهد العثماني، ونود أن نلاحظ من جهة أخرى أن الإنتاج الذي تناول التصوف من الناحية الفلسفية وعلاقته الخاصة بالتشريع والفقه، وبالعلوم الدنيوية، يعتبر إنتاجا قليلا، ومهما كان الأمر فإن علاقة التصوف والتوحيد علاقة وطيدة بالمنطق أيضا، ولذلك يجب أن نعالج هذه النقطة الآن.

[المنطق]

إذا حكمنا على إنتاج الجزائريين في علم المنطق مما وجدنا لهم منه فإنه إنتاج قليل بل نادر، فباستثناء عمل علماء القرن التاسع (١٥ م)، أمثال ابن القنفذ والسنوسي والمغيلي فإن ما بقي منسوبا إلى علماء العهد العثماني يكاد يعد على أصابع اليد الواحدة، وفي نظرنا أن هذا النقص في علم هام كعلم المنطق، يعود إلى سببين رئيسيين الأول صعوبة هذا العلم، لأنه يتطلب الاطلاع الواسع على كتابات الأولين والأجانب والإضافة عليها ونقدها، ولثاني طغيان علم التصوف على الجزائريين، كما رأينا، وهو علم حدا بأصحابه، ولا سيما الذين بالغوا فيه، إلى الاكتفاء بعلوم الباطن واعتبار علم المنطق من علوم الظاهر التي قد تؤدي إلى الكفر والإلحاد والزندقة. حقا ان بعض المدرسين قد اشتغلوا بالمنطق كسعيد قدورة، كما اشتغل به بعض العلماء أمثال ابن حمادوش، ولكن قيمة علم المنطق ظلت مجهولا أو معدومة إلى جانب قيم العلوم الأخرى، والغريب أن بعض العلماء قد غلب عليهم المنطق وادعوا التفوق فيه، كما أخبر بذلك عبد الكريم الفكون عن

<<  <  ج: ص:  >  >>