للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسجنوا، ولكن أحدهم تمكن من الفرار بينما بقي الثلاثة الآخرون في السجن، فكانوا يقضون وقتهم في تذكر نجمة، لقد اكتشفوها بالتدرج ووقعوا في حبها جميعا، وهو الأمر الذي كان يشدهم إلى بعضهم، وكل منهم كان يجتهد في التعرف على نسبها الغامض، فابنة من هي؟ ومن أبوها؟ وهل أمها فرنسية حقا؟ إن عشاقها كثيرون، وإذا كنا قد عرفنا بعضهم، فمن هم الباقون؟ ومن أية سلالة هم؟ ولعل ياسين يشير بذلك إلى ادعاء الفرنسيين أن الغزاة كانوا يتداولون على الجزائر عبر مراحل التاريخ، فهي عشيقة الجميع، وليس لها أب واحد في هذه الحالة (١).

ولكن هذا الرأي لا نجده عند من انتقدوا نجمة، ونحن نرى ذلك قد يكون صحيحا لأن ياسين، بخلاف زملائه الأدباء، كانت له ثقافة تاريخية عبر عنها بكتابه المبكر عن الأمير عبد القادر واستقلال الجزائر.

[مولود معمري]

لم ينل مولود معمري حظه من الكتابة والتعريف مثلما نال زميلاه محمد ديب وكاتب ياسين، رغم أنه نشر إنتاجه مبكرا وكان أكبر منهما سنا، وهو بالنسبة إليهما من منطقة جبلية من قرية توريرت ميمون البعيدة عن الحواضر، ولد في ٢ ديسبر ١٩١٧ وتعلم في قريته، ربما على يدي الآباء البيض الذين كانوا منتشرين في المنطقة، وأدى الخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية، فحارب الألمان والإيطاليين، ولا ندري إن كان قد أكمل دراسته الثانوية بطريقة منتظمة ولكننا نعلم أنه تولى التدريس في ثانوية ابن عكنون خلال الأربعينات، وبعد اندلاع الثورة تعرض للاضطهاد، وكاد يقتل لولا تدخل من بعض المثقفين الفرنسيين ومن السلطات نفسها فنفته سنة ١٩٥٧ أو تركته يذهب إلى المغرب الذي نال استقلاله حديثا حيث عاش في كنف عمه محمد المعمري الوزير المقرب من ملك المغرب، وقد يكون مولود


(١) الآداب، مرجع سابق، ص ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>