القارى الغربي صعوبة كبيرة في الفهم والمتابعة، لأن الرواية تخلو من علاقة الزمان بالمكان، وليس لها شخصيات محددة تعود إلى القصة الموحدة في نهاية المطاف، لقد أهمل ياسين أصول الرواية وجاء بطريقة مغايرة، وإليك الصورة التي رأى (نادو) أن ياسين قد بنى عليها روايته، فهو قد بنى عالما كوكبيا أقام في وسطه شمسا هي نجمة يدور حولها عدد من الكواكب الكبيرة والصغيرة، ولكل منها نجمه الخاص، ولئن كانت الشمس ثابتة وكانت تلتمع دائما بالكثافة نفسها فنحن لا نعرفها إلا بانعكاساتها على الكواكب التي تحيط بها والتي تبعدها حركتها أو تقربها من نورها، وكذلك الأمر في شأن النجوم، ولما كانت هذه الكواكب سجينة الحركة نفسها التي تجعلها حاضرة، فإنه ينتج عن ذلك اختلاط تام بين الماضي والحاضر والمستقبل، فهل ذلك هو فعلا ما أراده الكاتب أو هو فقط ما تخليه الناقد؟ وقد رأينا أن إجابة ياسين عندما سئل عن عالمه لا تضيف توضيحا ولا تحدد إطارا حين قال إن نجمة تمثل روح الجزائر (١).
لقد رسمت نجمة على أنها فتاة ثابتة لا تتحرك وإنما تبدو ذات شعر ناري وجمال فتان ونسب خفي أو مجهول، ثم إنها تمثل الأهمية السعيدة أو المنحوسة التي يعلقها عليها الأشخاص الذين يطاردونها، إن الأشخاص الآخرين يمرون بجميع أطوار الحياة، من شباب إلى شيخوخة، ومن طفولة إلى بلوغ، ولكن أربعة من هؤلاء الأشخاص ينتمون إلى جيل واحد، ويعيشون تجارب مختلفة ولكن حبهم لنجمة يجمع بينهم، وهم يطوفون أنحاء الجزائر، وقد جمعتهم المدرسة، ثم طردوا منها وسقطوا في الدرك الأسفل الاجتماعي، ومارسوا الأعمال اليدوية، كما عانوا من التسكع ثم التقوا كعمال في ورشة كان يديرها فرنسي، وكان هذا يهينهم فانتقموا منه، وقتلوا فرنسيا آخر كان يتولى وكالة نقل لأنه أيضا كان يهين المسلمين (الجزائريين) ويتلذذ برؤيتهم يتعذبون.
(١) الآداب، مارس ١٩٥٧، ص ٢٤٠، نقلا عن جريدة فرانس أوبسيرفاتور.