وقد أسهم الشاعر ابن علي في ذلك بوصف مخزن للحبوب بناه محمد باشا عند باب عزون، فقال أربعة أبيات منها هذان: لئن كانت الأهرام من مصر أودعت ... خزائنها درا نفيسا وياقوتا
فذا الهرم الأعلى أجل لأنه ... جميع البرايا منه يلتمس القوتا (١)
ومن سوء حظ الشعراء أن العصر كان عصر ركود عمراني وإلا لانطلقوا يصفون ويمدحون، فكان ذلك سببا في اقتصار الشعر الاجتماعي على الإخوانيات، ولبرودة الشعر التسجيلي ذكرناه في الشعر الاجتماعي وليس في شعر الوصف. وإذا كان الشعر مرآة العصر فإن الشعر الاجتماعي منه يدل على أن الجزائر في العهد العثماني لم تعرف من المؤسسات العمرانية والثقافيةالرسمية إلا قليلا.
[الألغاز]
كان التلغيز نوعا من الرياضة الأدبية يتعاطاه الفقهاء والشعراء على السواء. ففي وقت انعدمت فيه أو كادت وسائل الترفيه والتسلية كان اللجوء إلى التلغيز بالشعر إحدى هذه الوسائل، وكان الملغز يعبر عن حادثته بالبيت أو الأبيات ولكنه لا يلجأ إلى القصيدة الطويلة، وليس من الضروري أن ينظم الملغزون ألغازا جديدة، فقد كان بعضهم يعود إلى كتب الأدب العربي ويأخذ منها نموذجا أو أكثر ويرسل به إلى زملائه فيعملون فيه الرأي والذكاء محاولين الإجابة التي قلما تكون صائبة، كما أن بعضهم كان يلغز تقية أو تلميحا أو نحو ذلك من الأغراض.
وليس من غرضنا هنا تتبع هذا النوع من الشعر لأنه في الواقع يعتمد على النقل من جهة ولأنه من جهة أخرى قائم على التكلف والتمحل. غير أننا نذكر، ونحن بصدد الحديث عن وثائق الأدب الجزائري، بعض المؤلفات التي عالجت هذا النوع من الشعر. من ذلك تأليف بركات بن باديس الذي
أشرنا إليه والذي سماه (نزع الجلباب) والذي جمع فيه بين الشعر والنثر،