للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقشت على القصر الذي بناه الحاج أحمد آخر بايات قسنطينة، وهو قصر عظيم قل نظيره في وقته، وصفه الأجانب ونوهوا بفن عمارته وذوق بانيه. وقد وصفه الشاعر بقوله:

لمالكه السعادة والعلامة ... وطول العمر ما سجعت حمامه

وعز لا يخالطه هوان ... وأفراح إلى يوم القيامة (١)

وهذا الوصف لا يدل على فضله ولا يعطى الصورة الحقيقية عنه. بل إن الزمن لم يمهل الحاج أحمد ليتمتع بقصره. فقد حاربه الفرنسيون وتغلبوا عليه وأخرجوه منه مهانا مدحورا.

وشبيه بهذا ما وجد منقوشا أيضا على لوحة مرمرية على مدخل جامع سوق الغزل بقسنطينة (٢)، فقد بنى عباس بن جلول، أحد كتاب حكومة الباي

حسين بوكمية، هذا الجامع سنة ١١٤٣، ويقال إن الباي، قد غار من هذا العمل فاشترط على كاتبه أن يكون الجامع مشتركا بينهما. ومهما كان الأمر فإن الأبيات تسجيلية أيضا، ولعلها من صنع بعض الفقهاء: غرف المحامد أم قصور تعبد ... أم جنة الرضوان للمتهجد

أم جامع جمع المحاسن فانثنت ... في جيد منشيه أعز مقلد

بيت يقام بها عماد الدين في ... ظل امتثال للاله الأوحد

كالشمس إلا أن تلك إلى الأفول ... وهذه في البر ذات تخلد

وسعت بما وسعت يدا حسين ضا ... حكمة بما للراكعين السجد

يرجو بها من يسبل الستر المنال ... على العصاة إذا أتوه في غد

يا خير من يرجى لكل مؤمل ... نوله ني الدارين أسعد مقصد

ولئن تسل تاريخه فأتى به ... بأي الزمان حسين بن محمد (٣)


(١) نفس المصدر، ١٣٤ - ١٣٥.
(٢) عن هذا الجامع الذي تحول إلى كنيسة وعن قصة بنائه انظر الأجزاء الأخرى من هذا الكتاب.
(٣) شيربونو (روكاي) ٥٥ - ١٨٥٤، ١٠٢ - ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>