عالج محمد بجاوي مسألة القضاء زمن الثورة وأعطاها أهميتها القانونية، فقد جاء في كتابه (الثورة الجزائرية والقانون) أن جبهة التحرير أنشأت في المناطق المحررة عدة مؤسسات منها: جمعية الشعب، وهي نواة لبنيان سياسي إداري كان مؤتمر الصومام قد وضع أسسه وحدد دوره، فقد حلت الجمعية محل الإدارة الفرنسية ومحل الحاكم الفرنسي، وبذلك أصبح الجزائريون في المناطق المختلفة يديرون شؤونهم بأنفسهم، وقد أعلنت قاعدة المؤتمر أن المجالس العمومية والبلدية والجماعات قد انتهت وهي جميعا من رموز الإدارة الفرنسية، وزادت استقالة عدد من الموظفين ومساعدي السلطات الفرنسية مثل القياد وحراس الغابات والمزارع ... الفراغ السياسي والإداري، لأنه لم يتقدم أحد ليخلف المستقيلين، وبذلك تلاشت الإدارة الفرنسية فتخلى عنها الشعب، ونشأ حكم ثناني يشمل جباية الضرائب والتموين وإقامة العدل وتجنيد المجاهدين والسهر على الأمن والتعليم.
أما من حيث التطبيق فقد انتخب كل دوار جمعيته المنصوص عليها المؤلفة من خمسة أفراد، وهي الخلية التنظيمية للدوار، ولهذه الجمعية لجنة اتصال بالسلطات المركزية للجبهة، مؤلفة من ثلاثة أفراد، وهي (اللجنة) المسؤولة على المستوى المحلي على إحصاء السكان واستقبال المجاهدين وجباية الضرائب وتوفير الأمن وحفظ السجلات المدنية وإقامة مخازن أو مستودعات لتخزين المحاصيل وبناء المدارس والسهر على مصادر المياه وافتتاح الورشات، بالإضافة إلى لجان أخرى تسمى اللجان المختصة على مستوى القطاع في الأرياف، ولجان التموين ومهمتها شراء الغذاء والكساء وتوزيع المؤونة ... ولجان المعونة لإغاثة المحتاجين والمنكوبين بسبب الحرب، وكذلك اللجان المدرسية لمكافحة الأمية وتعليم الأطفال بين السادسة والعاشرة، فكان في كل دوار مدرسة بالإضافة إلى دروس مسائية للبالغين.