فكان من أعضائها، اختارته كاتبا عاما لها، وأنشأ جريدة (الدفاع) بالفرنسية للدفاع عن الجمعية ومبادئها والمدافعة عن المصالح الأهلية (الوطنية)، وعمل وكيلا شرعيا في بسكرة، أدبه فكه خفيف وعليه سمة من الحزن والتشاؤم، وهو ينتمي إلى الجيل المتقدم في السن وفي الإنتاج الشعري، وما كان لنا أن نورده هنا لولا أنه كان من شهداء الثورة، فقد اغتالته اليد الحمراء (منظمة إرهابية فرنسية) في أكتوبر ١٩٥٧ ويقال إن جثته وجدت عند قضبان السكة الحديدية قرب مدينة البويرة، ودفن في مقرة بولوغين بالعاصمة قريبا من مقر سكناه، ولا نظن أنه قال شعرا في الثورة، ويبدو أن اغتياله كان عملا إرهابيا هدفه تصفية المثقفين الوطنيين وليس لدوره في الثورة تحديدا لأنه كان عند اختطافه قد بلغ السابعة والستين (١).
[محمد الهادي السنوسي]
أحد المثقفين المبكرين في القرن العشرين الذين خدموا الثقافة العربية الإسلامية بنشره لمجموعة (شعراء الجزائر) في جزئين، خلال العشرينات، وبأناشيده الوطنية وشعره الإصلاحي ويبدو أنه لم يبق على نفس الحماس والاتجاه بعد تقدم السن وتبدل ألوان الحياة، فقد خفت صوته الشعري منذ الثلاثينات، ولازم التعليم بين ١٩٤٥ - ١٩٦٢، وأثناء الثورة وجدناه محاضرا ومتحدثا في إذاعة الجزائر الفرنسية، ومساهما في مجلة هنا الجزائر.
والسنوسي من مواليد ليانة التي قدمت للجزائر عددا من الأدباء والشعراء، ولد سنة ١٩٠٢ وعاش إلى سنة ١٩٧٤، درس على والده في مسقط رأسه ثم على الشيخ عبد الحميد بن باديس، ثم عمل في الصحافة الإصلاحية من المنتقد إلى الشهاب، وكان صوت الشباب المجلجل المفعم بالأمل والوطنية، وسافر إلى فرنسا للوعظ باسم جمعية العلماء، وبعد الاستقلال رجع إلى ميدان التعليم إلى أن تقاعد سنة ١٩٧١، وكان شعره الذي رأيناه في مجلة هنا الجزائر لا علاقة
(١) محمد ناصر، الشعر الجزائري، ص ٦٨١، والسائحي، روحي لكم، ص ١٧، ومقالة حمزة بوكوشة عنه في مجلة الثقافة، يناير ١٩٧٢.