للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من الصعب على رؤساء الزاوية أن يناوروا وأن يحافظوا على مكانتها القديمة. وقد كان في إمكانهم أن يعيشوا على تقاليد شيخهم في العلم والتصوف السني. ولكنهم أعلنوا صراحة أنهم مع المعسكر الآخر. معسكر الإدارة الفرنسية. فتولى بعضهم الوظائف الرسمية، وهذا مخالف لسيرة شيخهم وتقاليد الزاوية العلمية.

وأصبح الشيخ مصطفى القاسمي الهاملي هو المتكلم الرسمي في التجمعات الطرقية التي كانت تعد لها وتشرف عليها الإدارة الفرنسية. ورغم أن التعليم قد بقي حيا في الزاوية فإنه لم يبق من أجل الهدف الذي كان يعمل له الشيخ الهاملي والديسي، كما أن موقف رؤساء الزاوية لم يكن محايدا في الأمور السياسية والدينية التي كانت تتفاعل في الجزائر (١)، وقد عارض الشيخ مصطفى القاسمي الاتجاه الوطني الذي مثلته جمعية العلماء وحزب الشعب وساند، بل ترأس مؤتمر الزوايا الذي كان يسير في التيار المعاكس (٢). ويصف ابن بكار، أحد أنصار هذا التيار، الشيخ مصطفى القاسمي بقوله (وهو يعتقد أنه يمدحه): (وهو الذي أسس جامعة الزوايا والمعاهد العلمية الدينية الصوفية في الجزائر للذود عن حرمة الدين وصيانة عقائد المسلمين السنيين، وحمل رايتها عند ظهور المتطرفين) (٣). وهو يعني (بالمتطرفين) أعضاء جمعية العلماء التي شارك الشيخ مصطفى القاسمي في تأسيسها ثم انفصل عنها. ولعله كان الأفضل للشيخ مصطفى وللجزائر أن يواصل رسالة الزاوية الأولى في التعليم بعيدا عن هذه اللجان الرسمية وجامعة الزوايا والمعاهد العلمية الدينية الصوفية التي كانت تأتمر بأمر الإدارة الفرنسية.

[الزاوية التجانية]

رغم أن الزاوية التجانية قامت على تراث أحمد التجاني، وهو متصوف


(١) انظر فصل الطرق الصوفية، وكتابنا الحركة الوطنية، ج ٣.
(٢) توفي الشيخ مصطفى القاسمي سنة ١٩.
(٣) ابن بكار (مجموع النسب)، ص ١٥٧ - ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>