للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتبرعات وإحسان المحسنين. وكان للزاوية أملاك وأوقاف كبيرة نمت بالتدرج (١).

ويمكن القول أن برنامج التعليم في الزاوية كان يقلد برنامج جامع الزيتونة وأمثاله. فهناك مراحل ومستويات من الابتدائي إلى الدروس العالية. وهناك دورات انتقالية. وتكاد الكتب المقررة تكون واحدة. والعلوم المتداولة هي العلوم الدينية والعربية طبعا (٢). وبالإضافة إلى ذلك فإن الفلك والحساب والمنطق والعروض كانت تدرس أيضا في الزاوية. وتعتبر دروس الشيخ محمد القاسمي (الهاملي) والديسي من الدروس العالية.

توفي الشيخ الهاملي وهو في أوج سمعته الروحية والعلمية، سنة ١٣١٥ (١٨٩٧). وكان قد عجز في آخر عمره حتى أنه لم يستطع حضور تأبين الشيخ أحمد التجاني في الجامع الجديد بالعاصمة، فأرسل ابن أخيه محمد بن الحاج نيابة عنه. وقد جرى حفل التأبين قبل وفاته بعدة أسابيع فقط. ثم أقيم له هو أيضا تأبين رسمي في بو سعادة. وقد اهتزت الزاوية بعده قليلا حول الخلافة الروحية، أما الخلافة العلمية فقد استمرت على حالها طالما ظل الشيخ الديسي هناك. كما أن الشيخ عاشور قد تضررت سمعته من السجن الذي تعرض له والهجمة التي قامت ضده من بعض الجهات إثر صدور كتابه (منار الإشراف). وهكذا تأثر التعليم بالزاوية وبقي أمره كذلك إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى.

وبعد هذه الحرب برزت شخصيات وأفكار جديدة. وكان على الرؤساء الجدد للزاوية أن يختاروا بين الخط الطرقي العتيق، أو الخط الإسلامي الحديث، ولم يعد الأمر كما كان زمن الشيخ محمد بن بلقاسم (الهاملي). وأمام ظهور الأحزاب السياسية والبحث عن الأنصار هنا وهناك،


(١) ذكرت المؤلفة كلنسي - سميث أمثلة على ثروات زاوية الهامل من الأراضي الزراعية وغيرها. انظر كتابها (ثائر وقديس).
(٢) ذكر الشيخ محمد علي دبوز (نهضة) ١/ ٢٠، ٥٦، ٧١، نماذج من الكتب التي كانت تدرس في الزاوية، فأرجع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>