للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزاوية بالهدايا ونحوها. حتى تكونت مكتبة مرجعية هامة. وأدت شهرة الشيخ إلى كثرة الزوار والعلماء للزاوية وإلى طلب الإجازات العلمية والصوفية. فنحن نعلم أن طلب الإجازة جاء من طلبة تونس والمغرب والجزائر وتلمسان وقسنطينة. واشتهرت مؤلفات الديسي وعرف برزانته واتساع علمه، رغم عاهة فقد البصر، فوردت على الزاوية الرسائل والمساءلات. ونحن نملك طلبات ونسخ الإجازات الصادرة عن الديسي والشيخ محمد الهاملي إلى العديد من علماء الوقت. ومنهم ابن سماية وعبد الحي الكتاني والقاضي شعيب بن علي والمكي بن عزوز. أما الزوار فبالإضافة إلى هؤلاء هناك الشيخ محمد بن يوسف أطفيش وسليمان الباروني.

يقول البعض أن تلاميذ الزاوية بلغوا نحو الألف. وربما كان هذا رقما مبالغا فيه، وقد يكون الرقم نصف ذلك. إذ لا يمكن لزاوية في حجم زاوية الهامل أن تأوي هذا العدد في وقت واحد، اللهم إلا إذا كان المقصود عدد المتخرجين منها مجتمعين. كما أن الناحية لا يمكنها أن توفر كل هؤلاء التلاميذ. وقد يكون من بينهم عدد من الغرباء، وهو تقليد كان معروفا في الزوايا. والذي لا شك فيه هو أن الزاوية أصبحت مدرسة ثانوية فيها خلية كبيرة من المعلمين والتلاميذ. كانت تتبع برنامجا محكما للتكوين، ولها جهاز قوي للتموين والنظافة والنظام. ولعل الشيخ محمد، وقد أقام ثماني سنوات في منطقة زواوة، قد تأثر بنظام الزوايا هناك من حيث الإدارة والتنظيم والانضباط، فاتبع نفس الشروط في القبول والإدارة. ولكننا لا نعرف ما إذا كان الشيخ هو كل شيء في الزاوية أو كان له وكيل ومقدم يساعدانه على إدارتها. وهل كان التلاميذ هم الذين يسيرون الزاوية، كما كان تلاميذ زاوية اليلولي؟ وقد قيل أن ابنة الشيخ، وهي السيدة زينب، كانت تشرف على مداخيل الزاوية وسجلاتها. ولا بد لدخول التلميذ من حفظ القرآن، وإذا لم يكن التلميذ يحفظ كل القرآن فإنه يدخل في مرحلة إعدادية تؤهله لذلك. وكان التدريس القرآني بالمسجد التابع للزاوية. ولا يدفع التلاميذ رسوما للدخول ولا للدراسة. ومؤونة وتمويل الزاوية إنما هما من الزيارات

<<  <  ج: ص:  >  >>