ولكن البحث وجمع المعلومات والشهادات أدت إلى معلومات إضافية تلقي مزيدا من الضوء على تطور الإذاعة، فإذا كانت لم تبدأ إلا في شهر ديسمبر ١٩٥٦ فكيف كان صوت الثورة قبل ذلك يصل إلى الشعب وإلى العالم؟
[فضل الإذاعات العربية]
الواقع أن الإذاعات العربية، ولا سيما إذاعة مصر ثم تونس بعد استقلالها، هي التي ملأت الفراغ وأوصلت أخبار الثورة الجزائرية إلى المستمعين، ومن الطبيعي أن تكون إذاعة مصر هي الأولى في هذا الميدان لعدة أسباب منها أن إذاعة صوت العرب بدأت تذيع من القاهرة سنة ١٩٥٣ وأن الثورة المصرية قد وجهت اهتمامها لتحرير الشعوب العربية الرازحة تحت الاستعمار، ومنها شعوب المغرب العربي، وقد عرفنا متى بدأت الإذاعات العربية الأخرى تفتح قنواتها الإذاعية لبرامج الثورة الجزائرية.
خصصت القاهرة في نهاية عام ١٩٥٥ ثلاثة برامج أسبوعية للجزائر مدة كل منها عشر دقائق، وهي برنامج (وفد جبهة التحرير يخاطبكم من القاهرة) الذي أصبح فيما بعد يسمى (صوت الجمهورية الجزائرية يخاطبكم)، وهو يذاع باللغة العربية من إذاعة صوت العرب في شكل تعليق سياسي، والثاني هو برنامج (هنا صوت الجمهورية الجزائرية) الذي كان يذاع بالفرنسية من البرنامج الثقافي المصري المعروف بـ (البرنامج الثاني)، أما البرنامج الثالث فعنوانه (جزائري يخاطب الفرنسيين) وكان يذاع أيضا بالفرنسية من البرامج المصرية الموجهة.
أما إذاعة تونس فقد بدأت تذاي برنامج (هنا صوت الجزائر المجاهدة الشقيقة) ربما في نهاية سنة ١٩٥٦، وكان هذا البرنامج يذاع ثلاث مرات أسبوعيا ولمدة ربع ساعة، وكان يقدم أخبارا عسكرية وتعليقات سياسية، ويبدأ بالتعليق وينتهي بالنشيد الوطني الجزائري.