ومخصصة لكل مؤسسة دينية والتي قلنا إن السلطات الفرنسية قد استولت عليها، ولعل ما كان يقض مضاجع الفرنسيين ليس المال الذي يبقى في الجزائر عند أصحاب الطرق، ولكنه المال الذي يخرج منها إلى (الخارج). إلى الزوايا الأم في بغداد والحجاز وبيروت والمغرب الأقصى، فقد اكتشفوا أن من الجزائريين من كان يرسل المال عن طريق الحوالات البريدية مستغلين هذه (الوسيلة الجديدة). دون الحديث عن النقود المرسلة مع الأفراد المسافرين والحجاج.
[إحصاءات الطرق والزوايا]
أثبتت التقارير التي جمعتها المصالح الفرنسية من مختلف مراكزها أن هناك عددا كبيرا من الأتباع للطرق الصوفية في الجزائر، وبالإضافة إلى التقارير الرسمية جمعوا المعلومات من شيوخ الزوايا أنفسهم فيما يخص الأتباع والمقدمين والثروات، وكان الشيوخ بدون شك متحفظين في ذكر الأرقام الحقيقية، خوفا من المتابعات والأسئلة وليس تواضعا منهم.
كما لاحظت التقارير أن الطرق الصوفية وأتباعها منتشرون في الأرياف أكثر من المدن لأسباب اجتماعية واقتصادية، ففي المدن يشتغل الناس غالبا بالتجارة والحرف ونحو ذلك، وهم من جهة أخرى أكثر وعيا بمصالحهم وأموالهم فلا يريدون أن يشركهم فيها أحد، ويضيف الفرنسيون بأن أصحاب المدن قد جعلهم احتكاكهم بالفرنسيين أقل (تعصبا) من أهل الريف، ومن ثمة لا يقبلون على أهل الزوايا ولا يعتقدون في خلاصهم وبركتهم، ويذهب أهل المدن إلى المساجد ولكن بعقلية ليست هي عقلية الذاهب إلى ضريح الشيخ أو لمقابلة المقدم في الأرياف.
والطرق العاملة في الجزائر أي التي لها زوايا وشيوخ ومقدمون، تصل إلى حوالي ٢٣ طريقة، بعض هذه الطرق نشأ في الجزائر وبعضها كان يتبع طريقة أم في بغداد كالقادرية أو في المغرب الأقصى كالعيساوية والطيبية،