ولا شك أن هناك عددا آخر من الشروح الأدبية التي تتناول قصائد أو مقامات أو نحوها من الأعمال ذات الطابع اللغوي والبلاغي (١)، ولم نقصد بذكر النماذج السابقة سوى إعطاء فكرة عن الميادين التي كان النثر الفني يستعمل فيها، فالأدباء كانوا يظهرون براعتهم في عدة ميادين، ومنها الشروح الأدبية التي كانت تعطيهم فرصة لاستعراض محفوظاتهم وذوقهم الأدبي والنقدي ومدى اطلاعهم على تاريخ الأدب والحضارة بوجه عام، وكان هؤلاء الأدباء لا يقصدون إلى السجع إلا في المقدمات أو الديباجة للعمل الذي يدرسون، فالعبارة عادة مرسلة مع طول الجملة وتعثرها أحيانا بالاعتراضات والاستطراد، كما أن الشروح الأدبية تعكس ثقافة العصر، فأصحابها كانوا غالبا ما ينمقون أسلوبهم بالمأثور من العبادات الدينية والحكمية. ومهما كان الأمر فإن هذه الشروح في نظرنا تمثل شكلا من أشكال النثر الأدبي الذي شاع في العهد العثماني.
[التقاريظ والإجازات والعقود]
ومن أشكال النثر الأدبي أيضا التقاريظ وبعض الإجازات والعقود والتعازي ونحو ذلك مما كان النثر فيه وسيلة للتعبير دون الشعر.
وفي التقاريظ تسيطر الروح الإخوانية على الأسلوب، وتبرز ثقافة الكاتب الأدبية واللغوية، ولدينا جملة من هذه التقاريظ التي كان يتناولها العلماء والأدباء على السواء، وكانت في موضوعات فقهية كما كانت في موضوعات أدبية أو غيرها، فالمهم هنا هو الأسلوب الذي كتب به التقريظ وليس الموضوع المقرظ.
أما الإجازات فقد عرفنا أنها تتناول السند وسرد أسماء الشيوخ ومواد
(١) من ذلك أيضا حاشية أحمد بن عمار على الخفاجي، وقد ذكرها له أبو راس في (فتح الإله)، وقال إنها (عاطرة الأنسام قبلتها أزهار ثغور أزهار العلوم في افترار وابتسام). وكان أبو راس قد اطلع عليها، وهو من تلاميذ ابن عمار. انظر الخزانة العامة بالرباط ك ٢٢٦٣.