للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحجبة لأنهم لم يتعلموا تعليما صحيحا على الطريقة العصرية الفرنسية. فهو يقول: أنه من النادر أن تجد عارفا بالقرآن يواصل دراسته. ومن الأندر أن يستطيع من واصل دراسته التخلص من رواسبه على مخه، تلك الرواسب التي تركها فيه التعليم القرآني (١). أما كون العارف بالقرآن تندر مواصلته للدراسة فذلك هو (فضل) فرنسا على الجزائر، كما يعرف ألفريد بيل. وأما تأثير التعليم القرآني على مخ المتعلم، فذلك طبيعي، وذلك ما يريده المسلمون، ولكن بيل يريد أن يقول: علينا أن نخلص الجيل من الرواسب بالتخلص من التعليم القرآني بتاتا. وقد أشار إلى ذلك في البداية.

[التعليم في المساجد]

بعد انتهاء الأطفال من المدرسة القرآنية يتوجه الراغبون منهم إلى المساجد والزوايا لمواصلة تعليم متوسط وثانوي. وقد تصل بعض الدروس فيه إلى مستوى التعليم العالي في مراحل متقدمة. وقد درسنا هذا الموضوع في الجزء الأول وقلنا أن من نقائص التعليم في الجزائر خلال العهد العثماني هو انعدام مؤسسة قارة وقوية للتعليم الاسلامي ذات إشعاع وطني مثل القرويين في فاس والزيتونة في تونس والأزهر في مصر. كانت دروس التعليم الثانوي والعالي مبعثرة في الجزائر وليس لها منهج أو مراحل تقطعها. كانت اجتهادية وظرفية، فهي خاضعة لمهارة وشهرة المدرسين ومناسبة الظروف السياسية والاقتصادية. وقد عرفنا أن بعض المدرسين البارزين كانوا يأتون من البلدان المجاورة إلى الجزائر للتدريس ونحوه فعوضوا بعض النقص، كما أن أذكياء الطلبة والطموحين منهم كانوا يهاجرون، في سبيل الحصول على العلم، ولكن بعد الاحتلال وقعت أمور أخرى أثرت على مسيرة التعليم الثانوي والعالي.

فإذا كانت المدارس القرآنية قد استمرت في المدن، كما ذكرنا، رغم الصعوبات، فإن مراحل التعليم الأخرى قد عرفت تدهورا كبيرا لأسباب.


(١) الفريد بيل، (مؤتمر ...) مرجع سابق، ص ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>