رجع إلى الجزائر، ودلا من أن يتبنى آراء سلفية وإصلاحية رأى أن ما عليه الشعب الجزائري من التشبث بالعقائد والعوائد خير من (النهوض والوطنية والإصلاح) التي كان يرددها جماعة تركيا الفتاة (١).
وخلال الحرب العالمية الأولى فر بعض الجنود الجزائريين من الجيشي الفرنسي إلى المعسكر الألماني والعثماني. ومن ألمانيا نقلوا إلى الأراضي العثمانية حيث واصل بعضهم تدريبه، ثم التحقوا بمناطق معينة كالمغرب وليبيا حيث كان العثمانيون والألمان يخططون لإثارة القلاقل ضد الحلفاء وفرنسا بالخصوص. والمهم هنا هو أن بعض الجنود بقوا في اسطانبول وكان بعضهم قد كتب نشرات دعائية ضد الفرنسيين ودعا إخوانه من الجنود إلى الفرار.
ومهما كان الأمر فإننا لا نعلم كم كان عدد المهاجرين الجزائريين في اسطانبول والمدن العثمانية التي ذكرناها. ويبدو أن العلاقات الجزائرية العثمانية لم تبق قوية بعد الاعتراف بالاحتلال الفرنسي سنة ١٨٤٧. ورغم بعض التحرك في فترة الانتفاضات أو الحروب الدولية مثل ١٨٥٠، ١٨٥٤، ١٨٧١، ١٩١٤ فإن الدولة العثمانية لم تظهر اهتماما جديا بقضية الجزائر منذ الاحتلال، ولا سيما منذ هزيمة الحاج أحمد باي قسنطينة ١٨٣٧. وهذا لا يعني أن الجزائريين لم يكونوا متعلقين بالخلافة والجامعة الإسلامية. فنحن سنرى أن ما يسميه الفرنسيون بالعاطفة التركية (وهي في الحقيقة الرابطة الروحية مع الخلافة) كانت موجودة وقوية إلى نهاية الحرب العالمية الأولى، أي ما دامت الخلافة قائمة (ألغيت سنة ١٩٢٤).
...
[الروابط الروحية - الصوفية]
الرابطة الروحية - الصوفية قديمة بين الجزائر والمغارب والمشارق. فهي ترجع إلى قرون قبل الاحتلال الفرنسي. وليس غرضنا تتبعها جميعا. بعد