للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعتباره يكتب عنه من الداخل (وهذا رأي ابن نبي في فرانز فانون - انظر سابقا)، فهو من أهل الدين نفسه، واقترح الطياب ترجمة رسالة الإسلام إلى العربية، وهو ما حصل فعلا بعد حين، إنه كتاب في نظره يتناول قضية التجديد والتقليد ويقدم نظرة شاملة لنهضة الإسلام (١).

ومن الواضح أن رسالة الإسلام أو هوية الإسلام جاء في وقته، لأن الثورة كانت تبحث عن إيديولوجية تقودها، وهي تفتقر، إلى ذلك الحين، إلى مرجعية تعتمد عليها في صياغة قوانينها وسير حركتها، ولا ندري الآن مدى رواج ومقروئية مالك ابن نبي في أوساط نخبة الثورة حتى نعرف مدى تأثيره على سير شؤونها وتفكير رجالها، غير أن هناك دلائل تدل على أن فكر مالك بن نبي لم يؤثر على نخبة الثورة بقدر ما أثر عليها الفكر الماركسي ممثلا في كتابات فرانز فانون وأمثاله.

وبعد ١٩٦٢ أصدر ابن نبي كتابا آخر سماه (آفاق جزائرية) ناقش فيه قضايا هامة كانت ما تزال تشغل أهل الفكر الثوري عامة ... ويهمنا أنه ناقش فيه قضايا الحرية والمفهومية وميراث الجزائر من الاستعمار، وعالج فيه مسألة الإنسان الجزائري وكيف خلقت منه الثورة إنسانا جديدا، غير أنه رجع إلى أصله بمجرد وقف القتال وإعلان نهاية الثورة، كما تناول الفرق بين (البوليتيك) (احتراف العمل السياسي) والسياسة، إنه كتاب يعبر عن الروح الثورية التي لم تصمد أمام التهافت على الكسب ورأس المال والسباق إلى المناصب ابتداء من أعضاء الحكومة المؤقتة، حسب تعبيره (٢).

[أصول الحضارة العالمية]

لقد سبق لنا أن تناولنا بعض أعمال عبد الرحمن بن الحفاف في كتابنا التاريخ الثقافي، ولا نود أن نطيل الحديث عنها الآن وإنما نريد أن نذكر ما عثرنا


(١) هنا الجزائر ٣٢، فبراير ١٩٥٥.
(٢) طبع هذا الكتاب في القاهرة، في ط ٢ سنة ١٩٧١، ولا ندري متى ظهرت طبعته الأولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>