للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم اشتغاله بالتعليم فإنه لم يكن يتخذ منه حرفة. كان جولي مولعا بالتجوال وحب الاطلاع ومعرفة المجهول. والفرنسيون يسمون ذلك عندئذ حب الاستكشاف. وقد قضى جولي معظم وقته في التجوال بين المحيط غربا وطرابلس شرقا. واشتغل في توات ورافق بعثة فلامان سنة ١٨٩٩، ١٩٠٠، وكان عضوا في اللجنة العلمية الفرنسية لدراسة أحوال المغرب الأقصى عشية احتلاله. وتعاون مع مصالح الخرائط الجيولوجية، كما شارك في رسم الخريطة الأثرية (الأطلس) للجزائر سنوات ١٨٩٩ - ١٩٠٠. وكان ينشر ملاحظاته في وقائع المؤتمرات العلمية التي يقدم إليها نتائج بحوثه. وقال عنه أحد زملائه بأنه يعتبر جغرافيا، وجيولوجيا، ونباتيا، ولغويا، واجتماعيا وأثريا. ورغم صغر سنه فقد عين سنة ١٩٠٤ عضوا مراسلا للمعهد الفرنسي. وكان عضوا في عدة جمعيات علمية. وكانت الحكومة الفرنسية قد كلفته بمهمة سنة ١٩٠٣ لدراسة الطرق الصوفية في منطقة التيطري. وقد نشر بعد ذلك دراسات عن الحركة الصوفية ورجالها، وعن الشعر البدوي سنعرض إليها (١).

[أعمال المستشرقين]

قام المستشرقون بأعمال كثيرة في الجزائر خلال المرحلتين المذكورتين: ١٨٣٠ - ١٨٨٠، و ١٨٨٠ - ١٩٣٠. ومن الصعب الحديث عن كل أعمالهم هنا، بل إن غرض هذا الفصل ليس الحديث عن كل أعمالهم ولكن تصنيفها وذكر نماذج منها فقط. ومن البديهي أن يهتم المستشرقون الفرنسيون بالشعب المستعمر دينا ولغة وعادات وآثارا وتاريخا. كما أنه من البديهي أن يتطور هذا الاهتمام حسب حاجة الإدارة الاستعمار وحاجة الدولة الفرنسية نفسها في العالم. فالمستشرقون كانوا (جنودا في الميدان) ولكن بلباس مدني، بل إن بعضهم بدأ حياته في الترجمة في المجالات العسكرية.

وهل يمكن حصر أعمال المستشرقين الفرنسيين هنا؟ لقد قام السيد هنري ماصيه بذلك في بحثه (الدراسات العربية في الجزائر)، فكانت


(١) انظر عنه شارل سان كالبر، مجلة (روكاي)، ١٩١٣، ص ٨١٥ - ٨١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>