رغم حديث بعض العلماء الجزائريين عن الموسيقى والغناء والرقص ونحوها فإنهم لم يخصوها بتأليف يؤرخ لها ويصفها ويحدد أنواعها ووظيفتها الفنية والاجتماعية.
[رأي العلماء والمتصوفة في الموسيقى]
ومن الذين تحدثوا عن الموسيقى أحمد الونشريسي في كتابه (المعيار) حين روى أن أحد العلماء سئل في حكم الغناء والرقص بعد أن ثبت أن جماعة من أهل الخير والصلاح قد اجتمعوا وأنشدهم منشد شعرا في الحب وغيره فتواجد بعضهم ورقص، ومنهم من أصبح يصيح ويبكي، ومنهم من غشيته شبه غيبة. فهل هذا مكروه لهم؟ فأجاب العالم الفقيه بأن الرقص بدعة لا يتعاطاه إلا ناقص العقل وهو لا يصلح إلا للنساء. وأما سماع الإنشاد الذي يحرك المشاعر السامية، والذي يذكر الإنسان بأهوال الآخرة والتعلق بها فلا بأس به، بل هو مندوب عند فتور النفس. وأضاف صاحب الفتوى أن السماع أو الإنشاد لا يحضره من في قلبه هوى خبيث، ذلك أن (السماع يحرك ما في القلوب من هوى محبوب أو مكروه). وقد أضاف الونشريسي بأن معظم العلماء يكرهون الغناء بغير آلة طرب. أما بآلة ذات أوتار كالعود والطنبور والزمار فممنوع. وقال إن بعضهم قد استثنى من ذلك الغناء في الأعراس والحفلات التي لا تقدم شرابا مسكرا. أما الغناء (بصوت رقيق فيه تمطيط)، وهو الغناء العربي المسمى بالنصف، فقد أجازه الجميع لأن الصحابة قد أجازوه وفعلوه بحضرة الرسول (صلى الله عليه وسلم)(١).
وفي القرن الحادي عشر (١٧ م) استنكر عبد الكريم الفكون لجوء بعض أهل التصوف إلى استعمال الموسيقى في الحضرة والإنشاد الذي ترافقه