للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفاوت بينهم، قد أعجبوا بالتقدم الفرنسي وجاؤوا ليدعوا قومهم إلى الاحتفاء بالفرنسيين والخضوع لهم سياسيا وعسكريا. رغم أن بعضهم، مثل ولد قاضي، قد شكا من وضع قومه وطالب بإصلاح أحوالهم. ولا يخامرنا الشك في حسن نوايا أصحاب الرحلات، ولكن لا يخامرنا الشك أيضا في سوء نوايا الفرنسيين من وراء هذه الرحلات والزيارات المنظمة. فهم إنما جاؤوا للاستحواذ على كل شيء ولم يأتوا لبث الحضارة. ولكن جهل أصحاب الرحلات بمخططات الفرنسيين بل جهلهم بأنفسهم قد جعلهم أبواقا فارغة في فم العدو ينفخ فيها للتأثير بهم على المواطنين (١). وقد استمر هذا الأسلوب في التعامل مع الأعيان في هذا القرن أيضا، ولكنه اتخذ ألوانا جديدة تتلاءم مع روح العصر كالدعوة لافتتاح جامع باريس في العشرينات.

[أسر الأطفال وحملهم إلى فرنسا]

حين لم يتحقق مشروع الكوليج العربي الفرنسي في وقته لجأ المارشال بوجو ومستشاره ليون روش إلى طريقة أخرى لحمل الأطفال الجزائريين إلى فرنسا وإبقائهم هناك فترة من الوقت يتعلمون ويتأثرون ثم يتركونهم يرجعون إلى بلادهم وأهلهم. وسوف لا نتحدث عن تفاصيل هذه المدرسة المجهولة التي أصبحت تستقبل الأطفال الجزائريين لترويضهم على حب فرنسا. ويكفي أن نذكر ما قام به بوجو وأعوانه سنة ١٨٤٣ على إثر الاستيلاء على زمالة الأمير عبد القادر. كانت الزمالة عبارة عن مدينة متنقلة تضم آلاف الأشخاص وتضم أيضا المؤونة والخزانة والذخيرة. وكان فيها نساء كبار العائلات وأطفالهم، بمن في ذلك نساء وأطفال خلفاء الأمير عبد القادر، مثل ابن علال والبركاني والبوحميدي وابن التهامي، ونساء كتابه وقضاته. والذي يهمنا هنا


(١) نشرت الرحلات أولا في المبشر، وفي بعض المجلات المعاصرة. وفي الفترة الأخيرة نشرت الرحلات الثلاث معا في بيروت، بعناية خالد زيادة. انظر عنها فصل التاريخ والرحلات.
نشرت الرحلات أولا في المبشر، وفي بعض المجلات المعاصرة. وفي الفترة الأخيرة نشرت الرحلات الثلاث معا في بيروت، بعناية خالد زيادة. انظر عنها فصل التاريخ والرحلات.

<<  <  ج: ص:  >  >>