نتناول في هذا الفصل موضوعين رئيسيين، وهما الديانة الإسلامية والقضاء الإسلامي، ونحن لا نميل إلى استعمال كلمة (الديانة)، ونفضل بدلها كلمة الدين، وهو الإسلام عند الله وعندنا، ولكن الفرنسيين أبوا إلا استعمال كلمة الديانة التي هي ترجمة للكلمة الفرنسية (Culte). وكذلك كنا نفضل إطلاق كلمة القضاء بدون إضافة، وهي معروفة، ولكن الاستعمال التاريخي والإداري جعلنا نتحدث عن القضاء الإسلامي في مقابل القضاء الفرنسي الذي استحوذ بالتدرج على كل اختصاص كان للقضاء الإسلامي ما عدا الأحوال الشخصية.
مجال هذا الفصل إذن هو شؤون الديانة ورجال الدين ورجال القضاء واختصاصاتهم وأصنافهم ورواتبهم وأنشطتهم وأدوارهم وأوضاعهم مع السلطة الفرنسية، (رجال الدين؟) أليس القضاة أيضا من رجال الدين؟ ألم يكن المدرسون أيضا من رجال الدين؟ نعم، هو كذلك تاريخيا، ولكن الأوضاع انقلبت في العهد الفرنسي، كان الدين هو أساس كل التصرفات والوظائف الأخرى قبل هذا العهد، فالقاضي يمكن أن يكون خطيبا ومدرسا وإماما، والعكس صحيح أيضا، ومنذ الاحتلال تفطن الخبراء الفرنسيون إلى هذه العلاقات الوطيدة فعملوا على الفصل بينها، ونشأت بذلك ثلاثة اختصاصات، وسندرج في الفصل أيضا شؤون الحج وسير بعض رجال الدين والقضاء، ونختم بالحديث عن تدوين الفقه الإسلامي.
إن هناك رجل الديانة (الدين الإسلامي) وهو الموظف الرسمي القائم