للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القصور والمباني الحضرية]

أما القصور والفيلات فقد عرفت منها الجزائر نماذج جيدة تميزت بالطراز العربي الإسلامي الذي انتشر في المغرب العربي والأندلس. ومن ميزات هذه المباني (الدنيوية) هو الراحة النفسية والستر والهدوء وراحة العين وجمع الشمل العائلي والتمتع بجمال الطبيعة. ورغم أن هذا الطراز قديم، كما ذكرنا، فإنه ازدهر خلال العهد العثماني نتيجة الازدهار الاقتصادي وخلود بعض كبار الدولة والأغنياء إلى الراحة. وقد وجدت النماذج المذكورة في المدن والأرياف على حد سواء. فكان أغنياء البلاد يبنون قصورهم أيضا في الريف ويقصدونها في أوقات الفراغ والأعياد والجمعات.

وها هم الفرنسيون الذين لا يكادون يذكرون فضيلة للعهد العثماني يقولون على لسان أحدهم، وهو أوغسطين بيرك، إن أجمل ما بني في هذا العهد هو القصور في المدن والفيلات (الأحواش) في الأرياف. فجمال الجزائر وحلاوتها ورشاقتها وروائح الساحل قد أسرت قلوب الرياس الذين كانوا يتمتعون بين حملة بحرية وأخرى بالراحة ولذة الحياة، فبالنسبة لهؤلاء الرياس كانت كل دقيقة تساوي قطرة من الذهب. وكانت كل رغبتهم هي توفير قصر هانئ حيث يتذوقون الحياة وينعمون بها على أفضل وجه (١).

ولكن تلك القصور والأحواش الريفية الخاصة قد استولى عليها الفرنسيون عند الاحتلال، وتحولت إلى أملاك الدولة، ونصبت فيها الإدارات والمحاكم والمصالح الأخرى كالمتاحف والمكتبات وإقامات رجال الدين ورجال الجيش. وأنت إذا سألت عن قصر الصيف أو قصر الشتاء حيث كانت إقامة حكومة الجزائر (الفرنسية) أو عن مقر المكتبة العمومية (الوطنية فيما بعد) أو عن مستشفى مصطفى، أو قصر أحمد باي، أو فيلا عزيزة أو فيلا عبد اللطيف أو غيرها من المباني والمعالم، فإنك ستجد الجواب دائما أنها آثار (موريسكية) حولت إلى ما آلت إليه بعد هجرة أو نفي أو افتقار


(١) أوغسطين بيرك (كراسات الاحتفال)، ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>