للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمدن المجاورة وحتى البعيدة نسبيا مثل بسكرة، بل قامت برحلة تمثيلية في فرنسا، وفي بعض الحفلات كان شباك التذاكر يغلق قل رفع الستارة لكثرة الجمهور، ووصل عدد الممثلين في بعضها إلى الأربعين فردا، وكانت المسرحيات تستوحي التاريخ كما تستوحي الواقع (١).

[الشؤون الإسلامية]

[رجال الدين والمساجد]

واصلت فرنسا سياستها الدينية في الجزائر، فالمؤسسات بقيت تحت سلطتها وتعيين رجال (الديانة) الإسلامية كان يتم بقرارات منها، والأوقاف والقضاء والإفتاء والجمعيات الخيرية الإسلامية كلها كانت تابعة لإدارة الشؤون الأهلية بالولاية العامة.

وكانت القضية التي أثارت الرأي العام الإسلامي في الجزائر وأسالت حبرا غزيرا حوله هي قضية فصل الدين الإسلامي عن الدولة الفرنسية اللائكية، وهذه القضية ربما لم تكن مفهومة إلا للفرنسيين وبعض المسلمين العلمانيين وأنصار الاندماج، أما عامة الناس فلم يكونوا يفهمون أبعادها الحقيقة، ويطول بنا العرض لو رجعنا إلى الموضوع من جميع جوانبه، لذلك نكتفي بالتذكير بما درسناه في كتابنا السابق بأن الليبرالية الفرنسية توصلت سنة ١٩٠٥ إلى فصل الدين عن الدولة ولكنها في الجزائر طبقته على الديانتين المسيحية واليهودية واستثنت منه الإسلام، فأعادت شؤون الديانتين إلى المؤمنين بهما ولكنها شؤون الإسلام تحت الإدارة الاستعمارية ولم تسلمها للمسلمين، ودعواها في ذلك أن الإسلام دين ودولة، وما دامت فرنسا هي الدولة التي تقوم مقام دولة الإسلام فإنها حافظت على شؤونه تحت جناحيها، وعندما أكثر القادة المسلمون من المطالبة بتسليم شؤون دينهم إلى هيئة منهم أظهر الفرنسيون دعوى جديدة وهي


(١) انظر أحمد منور، مسرح الفرجة والنضال في الجزائر، دار هومة، ٢٠٠٥، ص ٦١ - ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>