للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورأيه في التاريخ والمؤرخين، ومواقفه من العصر وأهله، فلا نريد أن نعود إلى ذلك هنا، وحسبنا الإشارة في آخر هذه الترجمة القصيرة له أن نذكر أن أبا راس انتقد علماء الوهابية الذين لقيهم بمكة سنة ١٢٢٦، ومن جهة أخرى كان يحن لعودة الأندلس إلى أحضان الأمة الإسلامية، واعتبر فتح وهران بداية لتحقيق تلك الغاية، ولعل ذلك الفتح هو الذي حمله على أن ينظر إلى آل عثمان على أنهم ما يزالون يواصلون رسالتهم التي جاؤوا إلى شمال إفريقية من أجلها أوائل القرن العاشر (١٦ م)، ولا ندري ما إذا كان أبو راس قد غير رأيه فيهم بعد ثورة الطريقة الدرقاوية وبعد ما شاهد الولاة العثمانيين ينقلبون على العلماء أمثاله، ثم إن حديثه عن نابليون وعن الفرنسيين وعن الإنكليز والهولانديين يدل على أنه كان يعيش بعض أحداث العصر، ولا سيما ما تركته الثورة الفرنسية من آثار على أوروبا والعالم الإسلامي حتى إلى ذلك الحين (١)، وهكذا يتضح أن مساهمة أبي راس في تاريخ الجزائر والتاريخ العام مساهمة عظيمة وأن آثاره جديرة بالدرس والنشر وأن شخصيته تحتاج إلى إظهار واعتبار يليقان به (٢).

[الرحلات]

أسهم الجزائريون مساهمة واضحة في كتابة الرحلات ولا سيما خلال القرن الثاني عشر (١٨ م)، وكانت بعض رحلاتهم نتيجة للحج، وبذلك تكون رحلات حجازية، وبعضها نتيجة لطلب العلم وبذلك تكون رحلات علمية، ولكن الجزائريين، بالقياس إلى كتاب الرحلات المغاربة، كانوا قليلي


(١) نسخنا له نصا من كتابه (الحلل السندسية) تناول فيه أثر الحملة الفرنسية على مصر والشام، وقد نشرناه في (المجلة التاريخية المغربية) عدد ٢١ - ٢٢، ١٨٨١. انظر علاقة بعض مؤلفات أبي راس بمؤلفات منسوبة إلى محمد بن يوسف الزياني. في فصل التاريخ خلال الاحتلال الفرنسي، لاحقا.
(٢) بالإضافة إلى المصادر المذكورة في دراستنا عنه، نشير إلى دراسة فور بيقي (المجلة الاسيوية) ١٨٩٩، وقد قارنه بيقي بابن خلدون في بعض النواحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>