للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتهر الشيخ أحمد العباسي بدروس التفسير قبل احتلال قسنطينة، وكان من قضاة الحاج أحمد وعلماء الوقت. وكذلك محمد ابن العنابي، صاحب (السعي المحمود) قبل نفيه من الجزائر سنة ١٨٣٠. وقد استمر على ذلك بعد نفيه إلى مصر أيضا. وتشهد مؤلفاته في غير التفسير أنه كان قادرا على وضع تفسير جامع لأن استشهاداته بالقرآن كثيرة وثقافته الدينية عميقة، وقد كان جده أحد الذين تركوا تفسيرا مكتوبا خلال العهد العثماني، هؤلاء هم بعض المخضرمين من علماء الجزائر الذين درسوا التفسير ولم يؤلفوا فيه.

ثم ظهر جيل نما في عهد الاحتلال أو رجع من هجرته إلى الوطن في هذا العهد. ومع ذلك لا نجده قد مارس التأليف في التفسير وإنما اقتصر على سعة المعرفة في كتب التفسير والتدريس في بعض آيات القرآن الكريم، ولا ندري إن كان عدم التأليف فيه يرجع إلى ضعف ثقافة هذا الجيل فقط، كما ذكرنا، أو إلى القيود التي كانت الإدارة تضعها على تناول الموضوعات المستمدة من القرآن وتفسيرها بما يناسب مع روح العصر وحاجة الناس. ومن الذين تحدثت الوثائق عن اهتمامهم وقدرتهم على تعاطي التفسير الشفوي: حميدة العمالي، مفتي المذهب المالكي بالعاصمة خلال الستينات، وعبد القادر المجاوي، وحمدان الونيسي. ومحمد الصالح بن مهنة وعبد الحليم بن سماية وشعيب الجليلي ومحمد بن عبد الرحمن الديسي، بالإضافة إلى بعض شيوخ العلم والتصوف (الأحرار) أمثال بلقاسم الهاملي وبلقاسم البوجليلي ومصطفى بن عزوز البرجي (النفطي).

ومنذ ١٩٢٠ اتسعت قائمة العلماء الأحرار، ورجع عدد من العلماء المهاجرين، وتضخم حجم الجمهور المثقف بالعربية وازداد الحماس للإصلاح والتغيير. وعرف الناس ما أطلق عليه اسم الدروس الحرة في المساجد الحرة، فكان (العلماء) ينطلقون عادة من آية قرآنية على منبر من المنابر أو في حفل ديني أو تعليمي، ومنها يحللون الأفكار وينقدون الأوضاع ويدعون إلى التغيير. كان هذا دأب دروس عدد من رجال الاصلاح الذين غطوا بنشاطهم في هذا المجال على نشاط رجال الدين الرسميين والمتصوفة

<<  <  ج: ص:  >  >>