للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مهتمة بالتعليم أيضا. وكان صاحبها الشيخ إبراهيم هو أبرز شيوخ القادرية، إلى جانب الشيخ المازوني صاحب زاوية الكاف. ويهمنا من زاوية توزر أن فروعها في الجزائر قد أصبحت نشيطة في الجهة الشرقية، تقرت وقمار، وعميش وورقلة. ولعل أشهر هذه الفروع هو فرع عميش (الوادي) الذي كان على رأسه الشيخ الهاشمي بن إبراهيم المذكور. إن هذا الشيخ الذي تحدثنا عنه في المجال الصوفي (١)، كان قد سن سنة طيبة وهي أن على من يتولى من أبنائه بعده شؤون الزاوية أن يكون متخرجا من جامع الزيتونة. وهذه السنة كانت جديدة على أهل الطرق الصوفية. فكانت مفيدة وتدل على عقل سليم ومتنور. وبالفعل كان وريثه هو ابنه الشيخ عبد العزيز بن الهاشمي الذي تخرج من جامع الزيتونة (٢).

ولو توقف الأمر عند هذا الحد لما اهتممنا بالشيخ عبد العزيز. لأن بعض الطرق الأخرى أيضا وجهت أبناءها إلى التعليم، ولكنها لم تفتح مدارس لأبناء المنطقة، فكان تعليم أبناء الزاوية ذاتيا ولا يفيدهم إلا هم. أما الشيخ عبد العزيز بن الهاشمي فقد خطا خطوة أخرى، وهي تحويل الزاوية إلى مدرسة عصرية تحت لواء الحركة الاصلاحية في منتصف الثلاثينات. وقد عالجنا ذلك في محله، ولكننا هنا نلفت النظر إلى أن الشيخ عبد العزيز قد جند زملاءه الجزائريين الذين درسوا معه في جامع الزيتونة ليكونوا معلمين في مدرسته - زاويته الجديدة، كما نلفت النظر إلى أنه قد دفع ثمنا باهظا على هذا التحول من الطريقة إلى الإصلاح، فلم تغفر له السلطات الفرنسية هذا (الكفر) الصريح بنعمتها على أصحاب الطرق وحمايتها لهم والتغاضي عنهم عندما كانت في حاجة إليهم وكانوا هم في حاجة إليها (٣).


(١) انظر فصل الطرق الصوفية.
(٢) في بعض المراجع أن الشيخ عبد العزيز هو حفيد الشيخ الهاشمي وهو خطأ.
(٣) تعرضنا لظروف ظهور واعتقال الشيخ عبد العزيز، بالإضافة إلى فصل الطرق الصوفية، في دراستنا عن الشيخ الياجوري، وهو زميله. انظر دراسة عمار هلال عن الشيخ عبد العزيز بن الهاشمي. ومقالة الشيخ حمزة بوكوشة عن الشيخ الهاشمي. =

<<  <  ج: ص:  >  >>