بالاستئناف، فالقاضي المسلم الذي تعطيه الشريعة حق الحكم في جميع أنواع الأحكام قد جرده القانون الفرنسي من كل الصلاحيات ما عدا البت في قضايا الزواج والطلاق والحضانة والميراث والنفقة وما شابهها.
في المحاكم الإسلامية تسجل جميع العقود الشرعية في سجلات خاصة بالأحوال الشخصية، كما أن هذه المحاكم تقوم بتنفيذ الأحكام التي تصدرها المحاكم الفرنسية في المسائل المدنية، وهذه المحاكم الإسلامية توجد في مختلف مدن الولايات الثلاث وهي قسنطينة ووهران والعاصمة، والقضاة المسلمون تعينهم السلطات الفرنسية وهم مسؤولون لديها.
وبالإضافة إلى المحاكم الشرعية هناك المحاكم العرفية التي تحكم بمقتضى العرف في القبائل فقط منذ السبعينات من القرن التاسع عشر، وقبل هذا التاريخ، كانت القبائل تحكم بمقتضى الشريعة الإسلامية مثلها مثل بقية مناطق الجزائر، ولكن ثورة ١٨٧١ وتدشين السياسة الطائفية الهادفة إلى تفريق الجزائريين وفصلهم عن بعضهم خوفا من وحدتهم ضد المستعمرين جعلت فرنسا تفرض على محاكم القبائل العمل بالعرف وليس بالشريعة الإسلامية، ونحن نقول (تفرض) لأن أهل القبائل أنفسهم احتجوا على القضاء العرفي وطالبوا ببقائهم ضمن المحاكم الشرعية باعتبارهم مسلمين، وعندما فشلوا رفع بعضهم قضاياهم أمام محاكم مناطق أخرى في البلاد تحكم طبقا للشريعة الإسلامية، وقد ادعت فرنسا أن القبائل أنفسهم يريدون الاحتكام إلى أعرافهم بدل القرآن، ومن هذا العرف عدم توريث المرأة، وقد استنكر بعض الكتاب مثل الشيخ أبي يعلى الزواوي عدم توريث المرأة مما يعتبر مخالفا للشريعة الإسلامية، وإمعانا في هذا الموقف أنشأ الفرنسيون كرسيا خاصا بدراسة العرف القبائلي في جامعة الجزائر.
وتنفيذا للعرف القبائلي نشأت خطة القاضي الموثق، ومهمته تسجيل الوثائق الخاصة بالمعاملات، وهذا القاضي لا يصدر أحكاما وإنما ينفذ أحكام