للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو كتابا في الطاعون، وألف محمد بن رجب بعده، وكذلك أبو راس، كتبا في نفس الموضوع. وفي كتاب مسلم بن عبد القادر (أنيس الغريب والمسافر) وصف أيضا لهذا الوباء ونتائجه (١) وتشير الوثائق إلى وباء آخر حدث سنة ١٠٥٤ وإلى جفاف واسع حدث سنة ١٠٥٧ (٢) وقد دام الطاعون الكبير من سنة ١٢٠١ إلى سنة ١٢١١ ومات من جرائه خلق كثير (٣). كما حدثت عدة زلازل مثل الزلزال الذي أصاب البليدة أوائل القرن الثالث عشر. ولا شك أن المتضررين من هذه الجوائح هم العامة سيما وأن إمكانيات التغلب على آثارها عندهم ضعيفة.

وكان العثمانيون لا يهتمون بالحياة الصحية للسكان. ذلك أن معظم البايات والباشوات كان لهم أطباء أجانب يختارونهم عادة من الأسرى الأوروبيين الذين يقعون في قبضتهم أو يستجلبونهم بالأموال، ولكنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك للتخفيف على السكان من الآلام والأمراض. وكان للجيش جراحه المسلم، ولكنه كان يستعمل الوسائل البدائية بالإضافة إلى أنه لم يكن جراحا إلا بالإسم، ولقبه الرسمي هو باش جراح. لذلك اعتمد الناس على وسائلهم الخاصة واستعملوا الطب التقليدي في أدويتهم بما في ذلك الأدعية والأحجبة وبصاق الأولياء وتمائم السحرة والمشعوذين. ولم يكن هناك مستشفيات ولا مصحات، بينما كان للأجانب، كالإسبان والإنكليز، مستشفيات خاصة بهم في الجزائر. ولعل أهم وسيلة حماية طبقها العثمانيون في الجزائر هي ما يعرف بالحجر الصحي (٤). فقد كانوا يبقون السفن الواردة


(١) عن الكتب المذكورة انظر مواضعها في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
(٢) فايسات (روكاي) ١٨٦٨، ٣٥٢. كما حدث قحط آخر سنة ١١٨٤ دام ست سنوات انظر الزهار (المذكرات).
(٣) الزهار (المذكرات) ٥١، وقد قال إن الموتى منه بلغوا خمسمائة جنازة يوميا.
(٤) حتى هذه الوسيلة لم تكن دائما محترمة. فالوباء الكبير الذي أشرنا إليه حدث على ما قيل نتيجة وصول مركب من بلاد الترك وفيه رجل مصاب بالوباء يسمى ابن سماية. انظر الزهار (المذكرات) ٥١. وفي مذكرات ناثانيال كاتنق الأمريكي ما يؤكد ذلك. انظر (المجلة التاريخية) - الأمريكية ١٨٦٠، ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>