للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقته (١). وأن يكتب آخر في أوائل القرن الثالث عشر (١٩ م) نقدا ألذع من نقد صاحبه بعد أن لم يجد في المجتمع الجزائري ما كان يطمح إليه من أفكار وتجديد ونشاط عقلي قائلا (إن الأفكار تموت إذا لم تجد مجالا للتجديد المستمر) وقد قال أيضا بأنه كثيرا ما كان يخرج إلى شوارع العاصمة (مدينة الجزائر) فلا يجد (شيئا يسترعي انتباهه فلا مكتبة ولا مقهى فيه جريدة ...) وهذا كله بعد أن دقت أوروبا أبواب العالم الإسلامي في حروبها مع الدولة العثمانية وفي الحملة الإنكليزية على الجزائر وفي الحملة الفرنسية على مصر والشام. ومما لا شك فيه أن فرنسا لم يكن في مقدورها أن تحتل الجزائر لو لم يكن المجتمع الجزائري ضعيفا على النحو الذي وصفه به ابن العنابي وشو وبانانتي (٢) وأضرابهم (٣).

٤ - وتتحدث الكتب والوثائق عن وقوع الجوائح في العهد العثماني والنتائج السيئة التي خلفها في الأرواح وفي الحياة المادية. ولم يكن ذلك مقتصرا على العاصمة بل كان شاملا لجميع أنحاء البلاد. وتشمل هذه الحوائج الطاعون، الذي يذكره بعض الكتاب باسم الوباء، والزلازل والجفاف والمجاعات الكبيرة والجراد. ويشير ابن مريم في (البستان) إلى الطاعون الذي حدث سنة ٩٨١ والذي أدى إلى وفاة عدد من العلماء والصلحاء، بالإضافة إلى العديد من الناس (٤). كما تحدث عبد الكريم الفكون عن طاعون آخر حدث سنة ١٠٣١ وكانت له آثار سيئة أيضا. وفي رحلة ابن حمادوش حديث عن الطاعون الذي حدث أثناء حياته. كما ألف


(١) توماس شو، ٣٥٥.
(٢) بانانتي، ٨٦. ولاحظ هذا بأن معارضة الحكومة الجزائرية العثمانية لإدخال المطبعة لا تعود، كما كانت تدعى، إلى الخوف من فقدان النساخين حرفتهم وخبزهم، ولكن إلى معارضتها هي لنشر المعرفة. انظر ٢٥١ منه.
(٣) رغم أن ابن العنابي قد جعل موضوعه المجتمع الإسلامي على الإطلاق فإنه بحكم النشأة والتجربة كان يتحدث عن المجتمع الجزائري في وقته.
(٤) ابن مريم (البستان) ٢٦٤، ٢٨١، ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>