وما كان يقوم به الأسقف بافي. ورغم جهود هذا الأسقف في الدعاية للكنيسة بين المسلمين وتنصيرهم عن طريق الصدقات والمداواة والورشات ونشر اللغة الفرنسية، فإنه فشل في النهاية.
كان بافي عميد الكلية الكاثوليكية بليون قبل توليه أسقفية الجزائر، وقد وجد أن دوبوش مهد له الطريق بإنشاء الكنائس وتكوين الرهبان وحلقات الدراسة والملاجئ. كما مهد له الطريق باستعادة بقايا أوغسطين، ولذلك كان على بافي أن يواصل فقط مشروع سلفه. ومن أجل ذلك سعى إلى الحصول على رضى العسكريين، وإلى تجنيدهم إلى جانبه وتفادى المواجهة معهم. ويقال عنه إنه كان خطيبا ماهرا، وله قدرة على اكتساب المستمعين إليه. وفي عهده تدعمت الكنيسة في قسنطينة، حيث استمر سوشيه في مهمته، وتحول جامع سوق الغزل فيها إلى كنيسة (١).
وفي تلمسان رجعت ١٨٤٦ الكنيسة (الجامع) بعد الثورة، في طراز موريسكي، وعليه ناقوس، ولكن الأب بارجيس تمنى لو كان للكنيسة مؤذن يؤذن فيها أيضا للصلاة يوم الأحد كما يؤذن المسلمون لصلواتهم. وكانت زيارات وكتابات بارجيس تساعد بافي على ترسيخ فكرة استعادة الكنيسة الكاثوليكية إلى سالف عهدها. ولذلك قام بارجيس بتأليف كتاب صغير سنة (١٨٤٨) عن (الكنيسة الافريقية) ووجهه إلى آلاف الفرنسيين، كما قال، الذين يتوجهون إلى الجزائر ليحملوا إليها حضارة فرنسا ونور المسيحية، وليذكرهم بماضي الكنيسة الذي دفنه (التعصب الاسلامي) والذي قطعت سلسلة حلقاته، حسب دعواه، بسيف أتباع النبي (محمدا ص) المزيف قطعا فادحا. وكان بارجيس، مثل بافي، يقول بأن للمسيحيين الجدد رسالة يؤدونها، وهي أن الله قد عهد إليهم باستعادة هذه الحلقة المكسورة وازدهار المسيحية من جديد في الجزائر. وقد نوه بارجيس، مثل بافي أيضا، برجال الدين القدماء أمثال: تيرتوليان، واوغسطين، وسيريان، وأوبتات،