أهل الحي مثل جامع الخياطين وجامع حي الرمان (بتلمسان).
ومهما يكن اسم ووظيفة وحجم هذه المؤسسات فإننا بالنسبة إلى المساجد قد استعملناها هنا في معناها العام، باعتبارها أماكن للعبادة وأماكن لنشر العلم، ولكننا سنوضح الفرق في الاستعمال عند الضرورة. ومما يلاحظ أن أغلب المدن الجزائرية كانت تشمل مسجدا يطلق عليه اسم (الجامع الكبير) وهو المسجد الذي اشتهر بين الناس إما لقدمه أو لسعته. ولكن (الكبير) هنا لا يعني دائما السعة الحقيقية. فقد يكون في المدينة من المساجد ما هو أوسع من الجامع الكبير مساحة. وقد يطلق على أحد المساجد اسم (المسجد العتيق) أو القديم الذي يكون قد بنى وسط المدينة القديمة أثناء نموها، فيصبح بهذا المعنى (شيخ المساجد) وحامي حمى المدينة في نظر السكان. وبذلك يكون موضع اهتمام الحكام وهدف المحسنين لوقف الأوقاف عليه، وكثيرا ما يكون هو المصلى لحاكم البلاد. ورغم شهرة الجامع الكبير بالعاصمة وضخامة أوقافه فإنه لم يتطور إلى (جامعة) علمية كالأزهر أو الزيتونة أو القرويين، فقد ظلت شهرته منحصرة في قدمه (وهو يعود إلى ما قبل العهد العثماني) وحجمه وأوقافه ومركزه القضائي باعتباره المركز الذي كان ينعقد فيه مجلس الفتوى كل أسبوع، كما أنه كان مقر مفتي المذهب المالكي.
والعناية بالمساجد كانت ظاهرة بارزة في المجتمع الجزائري المسلم. فلا دكاد تجد قرية أو حيا في المدينة بدون مسجد. فقد كان المسجد هو ملتقى العباد، ومجمع الأعيان، ومنشط الحياة العلمية والاجتماعية، وهو قلب القرية في الريف وروح الحي في المدينة، إذ حوله كانت تنتشر المساكن والأسواق والكتاتيب. وكان المسجد أيضا هو الرابطة بين أهل القرية والمدينة أو الحي لأنهم يشتركون جميعا في بنائه كما كانوا جميعا يشتركون في أداء الوظائف فيه. وقد كان تشييد المساجد عملا فرديا بالدرجة الأولى، فالغني المحسن هو الذي يقود عملية بناء المسجد والوقف عليه وصيانته. ولكن أعيان القرية أو الحي كانوا يساهمون بالتبرعات ونحوها. ولا يتعدى مجهود