للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطات الحاكمة في هذا المجال مجهود الأفراد. فالدولة لم تكن مسؤولة على بناء المساجد. وإذا بنى أحد الباشوات مسجدا فإنما يبنيه من ماله الخاص ويوقف عليه من ريعه وأملاكه. فهو بذلك يعبر عن إحسانه وحبه للخير وواجبه الديني وليس عن واجبه السياسي. حقا إن عمل الحكام قد يشجع رعاياهم على تقليدهم، وقد يفتح مجالات للتعلم والتثقف لا يمكن للمواطنين العاديين أن يفتحوها، ولكن عملهم، كما قلنا، يظل من الوجهة الدينية عملا فرديا.

٢ - وتختلف الإحصاءات عن عدد المساجد في المدن الجزائرية خلال العهد العثماني، بل إن بعض المدن لا تكاد المصادر تذكر له إحصاء. وتكتفي معظم المصادر بالحديث عن المدن الرئيسية كما أن بعضها لا تذكر إلا الجوامع (أو مساجد الخطبة). ثم إن بعض الإحصاءات تختلط فيها المساجد القديمة المؤسسة قبل العهد العثماني والمؤسسة أثناءه. فالتمغروطي، مثلا اكتفى في حديثه عن مدينة الجزائر في آخر القرن العاشر (١٦ م) بقوله إن فيها الجامع الكبير وهو واسع وإمامه مالكي، وفيها ثلاث خطب أحدها للترك وإمامهم حنفي (١). وهو يعني بالخطب خطبة الجمعة. ومعنى هذا أن مدينة الجزائر على عهده، لم يكن فيها سوى ثلاثة جوامع للجمعة، منها الجامع الكبير المالكي وآخر للمذهب الحنفي (ولعله يقصد به جامع سفير الذي بناه مملوك خير الدين، كما أشرنا). وجامع ثالث لعله هو جامع القشاش الذي سيأتي الحديث عنه، أو جامع سيدي رمضان الذي كان قديما أيضا. بينما يذكر هايدو الإسباني، حوالي نفس الفترة، ان مدينة الجزائر كانت تعد حوالي مائة مسجد، منها سبعة رئيسية (٢). وفي بداية القرن الثالث عشر (١٩ م) ذكر بانانتي الإيطالي أن هذه المدينة كانت تضم تسعة


(١) التمغروطي (النفحة المكية)، ١٣٩. وفي القرن الحادي عشر (١٧ م) ذكر دابر، ١٧٧، أنه كان بمدينة الجزائر ١٠٧ مساجد معظمها يقع على ساحل البحر.
(٢) نقل ذلك ديفوكس (المجلة الإفريقية) ١٨٦٢، ٣٧١. ويعتقد ديفوكس أن هذه الإحصائية تشمل الزوايا أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>