للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصدر العثماني من بين هذه المصادر.

أما في الموسيقى والعمارة والصياغة (الحلي) ونحوها فإن التأثير العثماني كان واضحا. فرغم وجود الموسيقى المحلية والأندلسية فإن العثمانيين قد أدخلوا آلاتهم الموسيقية ونغماتهم وذوقهم في الطرب. وقد كثرت المقاهي والحفلات الشعبية والرسمية التي تعزف فيها أنواع الموسيقى الثلاثة وتميزت كل واحدة منها بطابعها المؤثر. وقد وقف العلماء والأدباء مواقف مختلفة من عزف الموسيقى فبعضهم كان يرفضها على أساس ديني، وبعضهم يحبذها على أساس إنساني واجتماعي، وبعضهم يفصل في ذلك فيقبل الموسيقى إذا كانت على اجتماع صوفي توقظ حواس الخير، ويرفضها إذا كانت على اجتماع الخنا واللهو ونحوها. ومع الموسيقى انتشرت القهوة والحشيشة والرقص وغيرها من ملازمات الاجتماع والحب والمجون، ولاسيما بين الشباب والجنود العثمانيين. أما أرباب السلطة وأعيان الحضر فقد كانت لهم أيضا طرق خاصة للتمتع بالموسيقى وغيرها في منازلهم وتجمعاتهم الخاصة.

وبالإضافة إلى ذلك ترقت العمارة في الجزائر وامتزج فيها الذوق المحلي بالذوق العثماني الشرقي أيضا فظهر هذا الذوق في المساجد والقباب والقلاع، كما ظهر الذوق المحلي في القصور والمنازل والمساجد أيضا. وكانت أدوات البناء والزينة تجلب أحيانا من الخارج، وخصوصا تونس وإيطاليا. ومن ذلك الرخام والزليج. كما اشتهر بهذا الصدد عدد من البنائين (أو المعلمين كما كانوا يسمونهم) والخطاطين والنقاشين. وأحيانا كان يؤتى بالبناء والرسام من الخارج أيضا (١). وأبرز ما ظهر فيه الذوق المحلي هو ما يعرف بالفنون الشعبية من طرز وصياغة وزخرفة النسيج كالزرابي وترصيع بعض الآلات والتحف كالسيوف والبنادق والسروج وأدوات الطرب وأبواب المنازل. وقد لعبت المرأة في ذلك دورا بارزا منتجة ومستهلكة معا، فكثير من الأعمال المذكورة كانت من صنع النساء، وهي أيضا كانت موجهة إليهن،


(١) انظر عن الفنون الفصل السادس من الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>