للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل منطقة جرجرة والواحات. وصدر مرسوم إنشاء المعهد في ١٤ مارس ١٨٥٧ كما ذكرنا، ونشرته جريدة المبشر في ١٥ أبريل. وهو ينص على أن التعليم فيه شبه مجاني، وعلى إعطاء المنح لعدد من تلاميذ، وكونه مفتوحا للجزائريين والأوروبيين أيضا، إذا كانت أعمارهم بين التاسعة والاثني عشر. والتلاميذ فيه على ثلاث مجموعات: مجموعة من ٤٥ تلميذا يدرسون على حساب الدولة، ومجموعة أخرى من ٤٥ تلميذا تدفع عنهم الدولة حوالي ثلاثة أرباع المصاريف. ومجموعة من ٦٠ تلميذا لا تدفع عنهم الدولة سوى نصف المصاريف، وكان الفرنسيون يريدون مكافأة العملاء الجزائريين على خدماتهم لهم، ولذلك خصصوا الدخول إلى المعهد لأبناء الذين قاتلوا إلى جانب الفرنسيين أو خدموا القضية الفرنسية بإخلاص.

والدراسة في المعهد ابتدائية ومتوسطة. والتلميذ يظل في المرحلة الابتدائية ثلاث سنوات، يتدرب فيها على اللغة الفرنسية. ولا ينتقل إلى المرحلة التحضيرية (المتوسطة) إلا بعد اجتياز امتحان صعب في اللغة الفرنسية. وكان التلميذ الجزائري يعتبر ساذجا وبسيطا وصغير المخ ما دام من بيئة عربية يتحكم فيها القرآن والتقاليد الإسلامية. ومعظم التلاميذ لهم مبادئ بالفرنسية عند الدخول، كلاما وكتابة وقراءة. لذلك يعين لهم معلمون يدخلونهم بالتدرج في الحياة الفرنسية وينقلونهم، كما يقول غوستاف دوقا Dugat، من الحياة الإسلامية إلى الحياة الفرنسية. ولما كان التلاميذ متأثرين باللغة العربية التي لا تتسع، في نظره، إلى جميع الأفكار العصرية، فإن الوصول إلى الهدف المنشود، وهو دمجهم في الحياة الفرنسية، سيكون بطيئا. ويسمى دوقا هذه المرحلة مرحلة (فصل التلميذ عن القرآن)، وهي ما قبل سنة التخصص.

وقد ألبس الفرنسيون الدراسة في هذا المعهد بلباس إسلامي أيضا تمويها على الأهالي. فجاؤوا بمؤدب يقرئ القرآن للتلاميذ، وهو أيضا إمام يؤمهم في الصلوات الخمس. أما اللغة العربية التي تدرس في المعهد فهي العربية الدارجة، ولا تدرس إلا بمعدل ساعة في الأسبوع على يد أحد الفرنسيين. وقد اعتبرت لغة (أجنبية)، مع ذلك. أما اللغة العربية الفصحى

<<  <  ج: ص:  >  >>