للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هوداس. وصدر القرار بإنشاء القسم المذكور عن الحاكم العام شارل جونار، وبدأ العمل به في أكتوبر من السنة المذكورة. وكان القسم يقبل التلاميذ الذين قبلوا في امتحان الدخول إلى السنة الرابعة بالمدرسة، أي بعد أن يكونوا قد قطعوا ثلاث سنوات فيها. كان الهدف من إنشائه فيما يبدو هو توظيف الجزائريين في مجالات التجارة في إفريقية والمشرق العربي واستفادة فرنسا من خبراتهم وعلاقاتهم في هذا المجال (١). وقد قال ألفريد بيل إن في إمكان القسم التجاري أن يخرج أفضل العملاء والزبائن للشركات الفرنسية التجارية (الجزائر وتونس ومراكش ومصر وطرابلس، وسورية). واستشهد بالفوائد التي جناها الفرنسيون في المغرب الأقصى من حرفائهم الجزائريين خريجي مدرسة تلمسان، لأن الثقافة العربية هي وحدها التي تجعل، كما قال، من تلاميذنا (عملاء جيدين للتوغل في البلاد الإسلامية لمصلحة فرنسا) (٢).

وهكذا تكون المدارس الشرعية - الفرنسية الثلاث قد أدت خدمات كبيرة لفرنسا وليس للثقافة العربية ولا الثقافة الإسلامية. فلم تخرج علماء في الفقه الإسلامي ولا في اللغة العربية قادرين على ملء الفراغ الذي تركه الجيل القديم بالانقراض والهجرة، ولم يبرز منها منافسون لعلماء الزوايا أو الأحرار العصاميين في الثقافة الإسلامية الذين كان الفرنسيون يخشون من توظيفهم لأنهم خطرون وغير موثوق في نواياهم، كما أن تلامذ المدارس الشرعية، وقد بلغ عمرها قرنا كاملا، لم يستطيعوا منافسة علماء الزيتونة أو القرويين أو الأزهر في الأدب واللغة والتوحيد والفقه وحركة التأليف، رغم أن تصريحات بعض الفرنسيين الأولى يفهم منها أن الهدف من إنشائها وإصلاحاتها هو الوصول إلى هذه النتيجة. وسنجد أوغسطين بيرك في الأربعينات يوجه نقدا


(١) انظر مقالة إسماعيل حامد عن الأهالي والتجارة. في مجلة العالم الإسلامي R.M.M .
(٢) بيل، (مؤتمر ...)، مرجع سابق، ٢٢٨، استشهد بشهادة زملائه دوتيه وسيقونزاك الخ. على الخدمات التي قدمها خريجو مدرسة تلمسان في المغرب الأقصى. وقد جندت فرنسا أعدادا منهم في التعليم والتجارة والبحث والإدارة الخ. انظر أيضا الآن كريستلو (المحاكم)، مرجع سابق، ص ٢٤٤ - ٢٤٥ عن توظيف المثقفين الجزائريين في غرب إفريقية والعالم الإسلامي لخدمة المصالح الفرنسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>